للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوَّلًا: قياس الإمام في الصّلاة على الرسول - صلّى الله عليه وسلم - قياس مع الفارق؛ لأنّ الرسول - صلّى الله عليه وسلم - هو المبلغ عن ربه، وهو الّذي جاءنا بالحقال في هو دين الإسلام، وعدم أخذه الأجرة على ذلك إنّما هو خاص به - صلّى الله عليه وسلم - بنص الآية.

ثانيًا: أن العلماء متفقون غلى جواز الرزق على الإمامة، والرسول - صلّى الله عليه وسلم - ما كان يأخذ رزقًا عليها، فدلّ ذلك على أن هناك فرقًا بين الرسول - صلّى الله عليه وسلم - وبين خلفائه على إمامة الصّلاة ونحوها من الأعمال الدينية.

ثالثًا: ثمّ إنَّ الآية خطاب لغير المسلمين؛ فهي لشركي قريش ونحوهم، والضمير في قوله تعالى (عليه) يراد به تبليغ دعوة التّوحيد الّتي هي دين الإسلام لهؤلاء المشركين (١).

رابعًا: إننا منعنا أخذ الأجرة على الإمامة، ولم نجوزها إِلَّا عند الضّرورة والحاجة.

الدّليل الثّاني: قالوا: إنَّ الإمام عمله لله تعالى، والله تعالى يثيبه على هذه الطّاعة، فنفع عمله لنفسه، فلا يصير مسلمًا إلى المستأجر، وعليه فلا يستحق الأجر عليه (٢)، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ} [فصلت: ٤٦].

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يأتي:

١ - نسلم لكم بأن نفع عمل الإمام له، ولكن المراد بهذا النفع هو الثّواب، لا الأجرة، بدليل قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}، والثواب غير أخذ الأجرة


(١) جامع البيان للطبري: ١٣/ ٢٢ - ٢٣، تفسير القرآن العظيم لابن كثير: ٧/ ١٨٧؛ دار الشعب، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ١٦/ ٢١.
(٢) المبسوط للسرخسي: ١/ ١٤٠، ٤/ ١٥٨، بدائع الصنائع: ٤/ ١٩١ - ١٩٢، تببين الحقائق للزيلعي: ٥/ ١٢٥، عمدة القاري للعيني: ١٢/ ٩٥، الذّخيرة للقرافي: ٢/ ٦٦ - ٦٧، الفروق للقرافِى: ٣/ ٢، روضة الطالبين: ٥/ ١٨٨، مغني المحتاج للشربيني: ٢/ ٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>