للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الهمام: "ومحاسن الكفالة جليلة، وهي تفريج كرب الطالب الخائف على ماله، والمطلوب الخائف على نفسه، حيث كفيا مؤنة ما أهمهما وقر جأشهما، وذلك نعمة كبيرة عليهما، ولذا كانت الكفالة من الأفعال العالية ... (١).

من هنا فإن الكفالة المالية، قد جمعت كثيًرا من الخصال والمنافع والمقاصد الشرعية الجليلة ممّا يجعلها محض إرفاق وتبرع وإحسان لا مطمع فيها لمكتسب، وإنّما هي وظيفة المحتسب.

ولما كان الضمان عقد تبرع وإحسان، وإن الأصل فيه الغرم لا الغنم، يؤيد هذا ما رواه أبو أمامة الباهلي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - يقول في خطبته عام حجة الوداع: (العارية مؤداة، والزعيم غارم، والدين مقضي) (٢).

والزعيم: هو الكفيل والضامن، قال الإمام الخطابي: "الزعيم الكفيل، والزعامة الكفالة، ومنه قيل لرئيس القوم: الزعيم؛ لأنّه هو المتكفل بأمورهم" (٣).

أمّا ما يتعلّق بأخذ المال على الضمان المالي فيتضح من خلال المسائل التالية.

[المسألة الأولى: أخذ العوض على الضمان]

اتفق الفقهاء رحمهم الله تعالى على أنّه لا يجوز مطلقًا أخذ الجعل أو الأجرة


(١) شرح فتح القدير لابن الهمام ٥/ ٣٨٩.
(٢) أخرجه أبو داود في البيوع، باب في تضمين العارية ٣/ ٣٩٦ (٣٥٦٥) والترمذي، في البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداة ٣/ ٥٦٥ (١٢٦٥) وفي الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث ٤/ ٣٧٦ (٢١٢١)، وقال: حديث حسن غريب، وأخرجه ابن ماجه في الصدقات، باب الكفالة ٢/ ٨٠٤ (٢٤٠٥)، قال الألباني: "صحيح" كما في صحيح سنن التّرمذيّ ٢/ ٢٠ (١٠١٦).
(٣) معالم السنن للخطابي مع سنن أبي داود ٣/ ٨٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>