للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثّاني القاضي أو من ينيبه

إذا قام القاضي بنفسه بمباشرة الصلح بين الخصوم أو أناب أحدًا من أعوانه للقيام بذلك، فإن ذلك من مهام القاضي وهو مندوب إلى الإصلاح بين الخصوم ويدلُّ لذلك:

الدّليل الأوّل:

قوله تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النِّساء: ١٢٨].

[وجه الاستدلال]

حيث دلت اللآية الكريمة أن الصلح خير، فكأن ردّ القاضي للخصوم حتّى يصطلحوا ردًا للخير (١).

الدّليل الثّاني:

ما روي عن عمر - رضي الله عنه - قال: (ردوا الخصوم حتّى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث الضغائن بين النَّاس) (٢).

[وجه الاستدلال]

دلّ الأثر على أنّه يستحب للقاضي رد الخصوم إلى الصلح، وأن لا يبادر إلى القضاء لما يترتب عليه من إبقاء الضغائن في النفوس، وعليه فإنّه إذا قام القاضي


(١) بدائع الصنائع للكاساني ٧/ ١٣، قال الإمام السرخسي معقبًا على أثر عمر: "فيه دليل على أن القاضي لا ينبغى أن يعجل بالحكم وأنّه مندوب إليه أن يردّ الخصوم ليصطلحوا على شيء، أو يدعوهم إلى ذلك فالفصل بطريق الصلح يكون أقرب إلى بقاء المودة والتحرز من النفرة بين المسلمين". المبسوط للسرخسي ٢٠/ ١٣٦ - ١٣٨.
(٢) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٦/ ١٠٩ (١١٣٦٠)، وابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، باب في الصلح بين الخصوم ٧/ ٢١٣ (٢٩٣٨)، وعبد الرزّاق في مصنفه ٨/ ٣٠٤ (١٥٣٠٤)، قال البيهقي: "هذه الروايات عن عمر - رضي الله عنه - منقطعة".

<<  <  ج: ص:  >  >>