ثانيًا: سلمنا وجود ذلك الثقل، إِلَّا أن المصلحة المترتبة على دفع الأجرة للمؤذن أكبر، وحاجة النَّاس إليه أعظم من ثقل الأجر عليهم؛ لأنّ في ذلك تحصيلًا للطاعات، وذلك بالمحافظة على أوقات الصلوات، وإعمار المساجد بذكر الله تعالى، وعدم تعطيلها، وهذا من أعظم المصالح.
رابعًا: أدلة أصحاب القول الأوّل:
وهم القائلون بعدم جواز الاستئجار على الأذان والإقامة إِلَّا للضرورة، والحاجة.
[وأدلة هذا القول تنقسم قسمين]
القسم الأوّل: أدلتهم على عدم الجواز في الأصل.
وأدلتهم على ذلك هي نفسها أدلة أصحاب القول الثّاني، وهم القائلون بعدم الجواز مطلقًا، وقد تقدمت.
[القسم الآخر: أدلتهم على جواز الاستئجار للضرورة والحاجة.]
وقد عللوا ذلك بتعليلات:
١ - ظهور التواني في الأمور الدينية، وكسل النَّاس في الاحتساب، فلو امتنع جواز الاستئجار على الأذان في هذه الحالة، لضاع الأذان، وتعطلت هذه الشعيرة، وترتب عليها تعطل المساجد، وفوات الجماعة (١).
٢ - أن المؤذن المحتاج يتعين عليه الاكتساب لنفسه وعياله، والأذان لا يتعين عليه، فلا يمكن له ترك الواجب المتعين عليه لغير المتعين، فإذا نوى عمله هذا لله تعالى، وأخذ الأجرة على أذانه ليستعين بها على العبادة وطاعة الله، وتوفير الكفاية لنفسه وعياله، لئلا يمنعه الاكتساب لنفسه وعياله عن إقامة هذه الشعيرة والوظيفة
(١) الاختيار لتعليل المختار للموصلّي: ٢/ ٦٠، حاشية الطحطاوي على الدر المختار: ٤/ ٣٠، وحاشية ابن عابدين: ٥/ ٤٤٢، مجمع الأنّهر في شرح ملتقى الأبحر: ٢/ ٣٨٤.