للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث السّادس أخذ المال على الوصايا (١)

المراد بهذه المسألة هو ما يأخذه الوصي أو الموصي إليه من مال في مقابل القيام على شئون الصغير الّذي هو اليتيم (٢)، أو المجنون تربية وتعليمًا، كذلك النظر في أموالهم بالمحافظة عليها وتنميتها، وكذلك تزويج البنات، وغير ذلك ممّا يعهد إليه به الموصي، وعليه فتكون الوصيَّة هنا على معنى الإيصاء (٣).

فإذا أقام الإنسان غيره مقامه بعد وفاته في تدبير شئون أولاده الصغار ورعايتهم وغير ذلك، فهل يجوز للوصي في هذه الحالة الأكل من مال اليتيم أم لا؟ وما هو مقدار ما يأكله؟ وهل يفرق بين الوصي الغني وبين الوصي الفقير؟ وهل ما يأخذه الوصي من مال هو على سبيل القرض أم على سبيل الإباحة فيملكه بذلك؟ وهل يجوز للوصي أخذ الأجرة على عمله أم لا؟


(١) تقدّم في التمهيد تعريف الوصيَّة بمعناها العامل الشامل للإيصاء الّذي هو إقامة الإنسان غيره مقامه بعد وفاته في تصرف من التصرفات كتدبير شئون أولاده الصغار أو المجانين ورعايتهم وتزويج بناته ونحو ذلك، وهذا الشخص الموصي إليه يسمى: الوصي، ولمزيد البيان يرجع إلى التمهيد ص عند تعريف الوصيَّة.
(٢) اليتيم هو: (الّذي لا أب له ولم يبلغ الحلم)، ويدلُّ لذلك ما رواه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: حفظت من رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - اثنتين: (لا يتم بعد احتلام ولا صمات يوم إلى اللّيل). أخرجه أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء متى ينقطع اليُتم ٣/ ١١٥، (٢٨٧٣)، والحديث حسن بشواهده حسنه النووي، والسخاوي وصححه الألباني.
المقاصد الحسنة للسخاوي ص: ٧٢٩، صحيح سنن أبي داود للألباني ٢/ ٥٥٥، (٢٤٩٧) وانظر في تعريف اليتيم: المغني لابن قدامة ٩/ ٢٩٦.
(٣) الإيصاء يشبه الوكالة في أن كلًا منهما فيه تفويض للغير في القيام ببعض الأمور نيابة عمن فوضه إِلَّا أن بينهما فرقًا من ناحية أن التفويض للغير في الإيصاء يكون بعد الموت، أمّا في الوكالة فإن التفويض يكون في حالة الحياة. انظر: حاشية ابن عابدين ٥/ ٤٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>