للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجواب عن المناقشة]

من المقرر عند جمهور الأصوليين أن الأمر المطلق إنّما هو للوجوب وليس للاستحباب، ما لم يصرفه صارف إلى الاستحباب، ولم يذكر من صرفه للاستحباب دليلًا على ذلك، فبقي الأمر في الآية على أصله وهو الوجوب.

ب - أدلتهم من السُّنَّة:

عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: جاء رجل إلى النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - فقال: إنِّي فقير ليس لي شيء، ولي يتيم له مال، فقال - صلّى الله عليه وسلم -: (كلّ من مال يتيمك، غير مسرفٍ، ولا مبادر ولا متأثل) (١).

[وجه الاستدلال]

حيث أباح النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - للرجل الأكل من مال اليتيم، وذلك لفقره وحاجته، ونهاه عن الإسراف ومجاوزه قدر الحاجة على أي صفةٍ كانت المجاوزة.

[جـ - أدلتهم من الأثر]

الدّليل الأوّل:

ما روي عن عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - قال: إنِّي أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة والي اليتيم، إنَّ احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، وإن استغنيت استعففت (٢).


(١) أخرجه أبو داود، كتاب الوصايا، باب ما جاء في ما لولي اليتيم أن ينال من مال اليتيم: ٣/ ١١٥، (٢٨٧٢)، وأخرجه النسائيُّ في الصغرى، كتاب الوصايا، باب ما للوصي من مال اليتيم إذا قام عليه: ٦/ ٥٦٧ (٣٦٧٠)، وابن ماجه، كتاب الوصايا، باب قوله: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} ٢/ ٩٠٧ (٢٧١٨)، وقد صححه ابن حجر كما في الفتح ٨/ ٩٠، وحسنه الألباني كما في الإرواء: ٥/ ٢٧٧. المبادر: الّذي يستغنم مال محجوره فيأكله قبل أن يكبر ويأخذ مال. الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ٥/ ٤١. والمتأثل: الجامع لمال اليتيم، فقد نهى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - الوصي عن جمع مال اليتيم لنفسه. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ١/ ٢٣.
(٢) أخرجه ابن جرير الطّبريّ في تفسيره ٤/ ٢٥٥، وابن حزم في المحلى ٨/ ٣٢٤، قال ابن حجر: "وسنده صحيح"، فتح الباري ١٣/ ١٦١، وتغليق التعليق لابن حجر ٥/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>