يمكن مناقشة هذا الدّليل بأن ما يأخذه الناظر إنّما هو في مقابل جهده وعمله وقيامه على شئون الوقف، فيجب مراعاة ذلك، وهذا لا يتحقق إِلَّا بأجرة المثل؛ لأنّ إعطاء الناظر الأقل من أجرة المثل فيه هضم لحقه وهذا لا يجوز.
ثانيًا: أدلة القول الأوّل:
استدل هؤلاء بما يأتي:
قالوا: إنَّ إعطاء الناظر أجرة المثل هو المعهود والمتعارف عليه فيجب المصير إلى ذلك، كأن الواقف شرطها في وقفه؛ لأنَّ المعهود كالمشروط (١).
[الترجيح]
من خلال ذكر الأدلة وما نوقشت به يتبين رجحان القول الأوّل القاضي بإعطاء الناظر أجرة المثل، إذا لم يعين له الواقف شيئًا ويعود هذا الترجيح لما يأتي:
١ - قوة ما عللوا به حيث جاء متمشيًا مع العرف والعادة في مثل هذه الأمور.
٢ - أن هذا القول يحقق مبدأ العدل في التعامل، وذلك بعدم إعطاء الناظر أقل ممّا يستحقه؛ لأنَّ في ذلك ظلمًا له، وكذلك بعدم الأخذ من الوقف أكثر ممّا يجب؛ لأنّ في ذلك ظلمًا للموقوف عليهم، فكانت أجرة المثل أعدل وأقوم للطرفين.