للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وظيفته الأخذ والفهم، وان أريد أن للمتعلم أيضًا مدخلًا في ظهور أثر التعليم وفائدته فإن المتعلم ما لم يأخذ ما ألقاه المعلم ولم يفهم ما لقنه لم يظهر لتعليمه أثر وفائدة فهو مسلم، ولكن الّذي يلتزمه المعلم إنّما هو فعل نفسه ممّا يقدر عليه لا فعل الآخر، ولا مانع من أخذ الأجرة على فعل نفسه كما لا يخفى ... " (١).

الدّليل الخامس:

قالوا: إنَّ تعليم القرآن يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، فإنّه إنّما يصح من المسلم دون الكافر، فلا يجوز إيقاعه إِلَّا على وجه التقرب إلى الله تعالى، وإذا فُعل بعروض لم يكن فيه أجر وثواب بالاتفاق؛ لأنّ الله تعالى إنّما يقبل من العمل ما أريد به وجهه، لا ما فعل لأجل عروض الدنيا (٢).

ثانيًا: أدلة أصحاب القول الثّاني:

استدل من أجاز أخذ الأجرة على التعليم مطلقًا بأدلة من السُّنَّة والأثر والمعقول:

أ - أدلتهم من السُّنَّة:

الدّليل الأوّل:

عن ابن عبّاس - رضي الله عنهما -: أن نفرًا من أصحاب النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - مرُّوا بماء فيه لديغ - أو سليمٍ - فعرضٍ لهم رجل من أهل الماء فقال: هل فيكم من راق؟ إنَّ في الماء رجلًا لديغًا أو سليمًا، فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرًا، حتّى قدموا المدينة فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرًا فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (إنَّ أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله) (٣).


(١) شرح فتح القدير لابن الهمام ٧/ ١٨٠.
(٢) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ٢٤/ ٣١٥.
(٣) أخرجه البخاريّ، كتاب الطب، باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب ١٠/ ٢٠٩ (٥٧٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>