للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة الثّانية: إنَّ كان للمهدي عادة إهداء العامل قبل ولايته.

وإلى هذا ذهب بعض المالكية (١)، وبعض الشّافعيّة (٢)، وبعض الحنابلة (٣).

واستدلوا على ذلك بما يأتي:

أنّه لما كان يهدي إليه قبل ولايته عُلم أن الهدية للعامل بعد الولاية لم تكن من أجل الولاية؛ لوجود سببها قبل الولاية، بدليل وجودها قبلها (٤).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا التعليل بما يأتي:

أوَّلًا: أن هذا التعليل عليل؛ وذلك لمصادمته لنصوص التّحريم الكثيرة المتقدمة، حيث جاءت عامة فتحرم الهدية على العامل، سواء أكانت ممّن له عادة بإهدائه قبل الولاية أم لا.

ثانيًا: أن الهدية قبل الولاية مستحبة، وبعد الولاية محرّمة، ولو صح التعليل لاستوى حكمها قبل الولاية وبعدها، وهذا لم يقل به أحد. بل قال أصحاب هذا القول: "يستحب للعامل في هذه الحالة التنزه عنها" (٥).

الحالة الثّالثة والأخيرة: إنَّ كافأ العامل المهدي على هديته.

فإن كافأه بقدر هديته، أو قريب من ذلك، أو أكثر، فله أن يأخذها، ويتمولها. وإليه ذهب بعض المالكية (٦)، ونص عليه الشّافعيّ رحمه الله تعالى (٧).


(١) تبصرة الحكام لابن فرحون: ١/ ٢٩ - ٣٠، فتح الباري لابن حجر: ١٣/ ١٧٩.
(٢) الأم للشافعي: ٢/ ٥٩، المغني لابن قدامة: ١٤/ ٥٩.
(٣) المغني لابن قدامة: ١٤/ ٥٨ - ٥٩، كشاف القناع للبهوتي: ٦/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٤) المغني لابن قدامة: ١٤/ ٥٨ - ٥٩.
(٥) الأم للشافعي: ٢/ ٥٩، المغنى لابن قدامة: ٤/ ٥٨ - ٥٩.
(٦) تبصرة الحكام لابن فرحون: ١/ ٢٩ - ٣٠.
(٧) الأم للشافعي: ٢/ ٥٨ - ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>