للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنهما لم يتركا ما قد سمعاه من النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك إلا إلى ما هو أولى، مما قد سمعاه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ... "، ثم ساق الطحاوي بعض الروايات عنهما في النهي عن الصوم عن الميت، والأمر بالإطعام، وقد تقدم ذكر أهم هذه الروايات في أدلة المانعين.

ثم قال: " ... فكان قول ابن عباس وعائشة هذا دليلاً على أنهما قالا ما قالا فيما رويناه عنهما في هذه الآثار، والحكم عندهما فيما قالاه في ذلك ما قالاه فيه، ولا يجوز أن يكون ذلك منهما إلا بعد ثبوت نسخ ما سمعاه من النبي - صلى الله عليه وسلم - ... " (١).

[الجواب عن هده الدعوى]

١ - أنه أمكن الجواب عن هذه الآثار المروية عنهما، وقد تقدم ذلك (٢).

٢ - أن العبرة عند العلماء بما روى الراوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا بما رآه هو (٣).

وقد بين ذلك ابن حجر، فقال: "والراجح أن المعتبر ما رواه، لا ما رآه؛ لاحتمال أن يخالف ذلك لاجتهاد، ومستنده فيه لم يتحقق، ولا يلزم من ذلك ضعف الحديث عنده، وإذا تحققت صحة الحديث لم يترك المحقق للمظنون" (٤).

[جـ- دعوى التأويل]

أجاب المانعون عن هذه الأحاديث بأنها ليست على ظاهرها، بل المراد بالصوم عن الميت فيها: هو ما يقوم مقامه، وهو الإطعام عنه (٥).

قال ابن العربي: "وقد كان الآدمي يقضي عبادته من الصوم في حياته ببدنه إمساكًا، وكان أيضًا يقضيها بماله في وقت، وفي حال تصدقًا، وإطعامًا؛ فقال النبي


(١) مشكل الآثار للطحاوي: ٦/ ١٧٦ - ١٨٠.
(٢) ص ٢٩٣.
(٣) ميزان الأصول للسمرقندي: ص/ ٤٤٤، شرح تنقيح الفصول للقرافي: ص/ ٣٧١، البرهان للجويني: ١/ ٤٤٢، العدة لأبي يعلى: ٢/ ٥٨٩ - ٥٩٠، شرح الكوكب المنير للفتوحي: ٢/ ٥٦٢.
(٤) فتح الباري لابن حجر: ٤/ ٢٢٨.
(٥) عارضة الأحوذي لأبي بكر بن العربي: ٣/ ٢٤٢، الحاوي الكبير للماوردي: ٣/ ٣١٣، ٣١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>