للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريفة، ولولا ذلك لم يأخذ أجرًا، فإنّه في هذه الحالة يكون قد جمع بين عبادتين، وهما الأذان والسعي على العيال، وإنَّما الأعمال بالنيات (١)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإذا فعلها الفقير لله، وإنّما أخذ الأجرة لحاجته إلى ذلك، وليستعاين بذلك على طاعة الله، فالله يأجره على نيته، فيكون قد أكل طيبًا، وعمل صالحًا" (٢)

[الترجيح]

بعد عرض الأقوال، وذكر أدلة كلّ قول، وما ورد عليها من مناقشات، وما أجيب به عنها يمكن القول بأن الاختلاف هنا قوي؛ وذلك لقوة ما استدل به كلّ فريق، والذي يظهر أن الراجح من هذه الأقوال وأقربها إلى الصواب، هو قول من قال بعدم جواز الاستئجار على الأذان والإقامة إِلَّا للضرورة والحاجة، وهم أصحاب القول الأوّل؛ وذلك لا يأتي:

أوَّلًا: قوة ما استدلوا به، سواء كان من المنقول، أو المعقول. أمّا ما استدلوا به على عدم الجواز في الأصل، أو لغير ضرورة أو حاجة فمن أقوى أدلتهم حديث عثمان بن أبي العاص، فإنّه حديث صحيح ثابت لا شك فيه، وهو نصّ في محل النزاع؛ لأنّ الأمر فيه للوجوب، فقوله - صلّى الله عليه وسلم -: (واتخذ) أمر، والأمر المطلق للوجوب عند الجمهور ما لم يصرفه صارف إلى الندب، أو الإباحة (٣)، والذين حملوه على الندب، أو الورع، أو الكراهة لم يذكروا لنا دليلًا على ذلك يمكن الأخذ به وترك دلالة هذا الحديث، وأمّا ما استدلوا به على جواز الاستئجار للضرورة والحاجة، فهو تعليل قوي لا يمكن دفعه؛ لأنّه إنَّ لم نقل به ترتب على ذلك تعطل هذه


(١) حاشية ابن عابدين: ١/ ٢٦٣، حاشية الطحطاوي: ٤/ ٣٠، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٣٠/ ٢٠٦.
(٢) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٢٤/ ٣١٦.
(٣) المحصول للرازي: ٢/ ٤١ وما بعدها، شرح مختصر الروضة للطوفي: ٢/ ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>