للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأدلة والمناقشة]

أوَّلًا: أدلة أصحاب القول الثّاني:

استدل أصحاب هذا القول على ما ذهبوا إليه من المنع من أخذ العوض المالي على التأليف أو التحقيق في العلوم الشرعية بما يأتي:

الدّليل الأوّل:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - قال: (من كتم علمًا يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار) (١).

[وجه الاستدلال]

أن حبس المؤلِّف لكتابه عن الطبع والتداول إِلَّا بثمن باب من أبواب كتم العلم، فيناله الوعيد، فيمتنع ذلك والله أعلم (٢).

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يأتي:

أن الوعيد في هذا الحديث متوجه لمن كتم العلم الّذي يلزمه تعليمه إياه، ويتعين عليه فرضه، كمن رأى كافرًا يريد الإسلام فيقول: علموني ما الإسلام وما الدِّين؟ وكمن يرى رجلًا حديث عهد بالإِسلام، ولا يحسن الصّلاة وقد حضر وقتها يقول: علموني كيف أصلّي؟ وكمن جاء مستفتيًا في حلال أو حرام يقول: أفتوني


(١) أخرجه أبو داود، كتاب العلم، باب كراهية منع العلم ٣/ ٣٢١ (٣٦٥٨)، والترمذي، كتاب العلم، باب: ما جاء في كتمان العلم ٥/ ٢٩ (٢٦٤٩)، وابن ماجه في المقدِّمة، باب من سئل عن علم فكتمه ١/ ٩٦ (٢٦١)، والحديث صحيح فقد صححه التّرمذيّ فقال: حديث أبي هريرة حديث صحيح، وصححه ابن حبّان ١/ ٢٩٧، والحاكم ١/ ١٠١، ووافقه الذهبي.
(٢) فقه النوازل لبكر أبو زيد ٢/ ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>