للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الرّابع أنواع القرب من حيث تعدي النفع وعدمه

قسم الفقهاء القربات من حيث تعدي النفع، وعدمه إلى نوعين هما:

النوع الأوّل: ما لا يتعدى نفعه فاعِلَه.

النوع الآخر: ما يتعدى نفعه فاعله.

النوع الأوّل: ما لا يتعدى نفْعُهُ فاعِلَه:

وهذا النوع يشمل العبادات المحضة؛ كصلاة الإنسان لنفسه، وصومه، واعتكافه لنفسه، وحجه، وعمرته عن نفسه، وأداء زكاة نفسه، وكل أمر واجب تعين على المرء أداؤه، فهو داخل في هذا النوع، وكذلك يشمل هذا النوع ما تطوع الإنسان بأدائه عن نفسه من نوافل العبادات المختلفة (١).

وهذا النوع لا يجوز أخذ المال عليه بغير خلاف؛ قال ابن قدامة: "وأمّا ما لا يتعدى نفعُه فاعِلَه من العبادات المحضة، كالصيام، وصلاة الإنسان لنفسه، وحجه عن نفسه، وأداء زكاة نفسه، فلا يجوز أخذ الأجر عليها بغير بخلاف؛ لأنّ الأجر عوض عن الانتفاع، ولم يحصل لغيره ها هنا انتفاع، فأشبه إجارة الأعيان الّتي لا نفع فيها" (٢).

وقال ابن حزم (٣): "وكذلك لا تجوز الإجارة على كلّ واجب تعين على المرء من


(١) المبسوط للسرخسي: ٤/ ١٥٨، شرح العناية على الهداية: ٧/ ١٧٩، بداية المجتهد لابن رشد: ٨/ ٢٢٠، والمغني لابن قدامة: ٨/ ١٤١، كشاف القناع: ٤/ ١٢، المحلى لابن حزم: ٨/ ١٩١.
(٢) المغني لابن قدامة: ٨/ ١٤١.
(٣) هو: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم أبو محمّد، أحد الأئمة الكبار، ولد بقرطبة سنة: ٣٨٤ هـ، إمام مجتهد كبير، برز في كلّ العلوم، من مؤلفاته العظيمة: المحلى والإحكام في أصول الأحكام، الفصل في الملل والنحل، وغيرها كثير، توفي سنة ٤٥٦ هـ: (سير أعلام النُّبَلاء للذهبي: ١٨/ ١٨٤،وفيات الأعيان لابن خلكان: ١٣/ ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>