بعد ذكر الأدلة وما ورد عليها من مناقشات فالذي يظهر هو رجحان القول الأوّل وهو جواز بيع المصحف وشرائه بلا كراهة، وذلك لما يأتي:
أوَّلًا: قوة أدلة هذا القول، حيث استدلوا بآيات من كتاب الله ومن الأثر والمعقول، وأدلتهم من القرآن قوية، ولا ترد عليها مناقشة؛ إذ الأصل حل البيع إِلَّا ما حرّمه الله تعالى، ولا يوجد نصّ يحرم بيع المصاحف، وأمّا الكراهة فمعللة بالابتذال والامتهان، وهذا إذا حدث لا يخالف أحد في حرمته وعدم حل بيعه حينئذ.
ثانيًا: ضعف أدلة الأقوال الأخرى حيث لا تخرج عن كونها بعض الآثار والتعليلات، وقد أمكن مناقشتها بما يضعف من دلالتها.
ثالثًا: إنَّ الحاجة داعية إلى بيع وشراء المصاحف، لما في ذلك من تيسير الاطلاع على كتاب الله قراءة وتدبرًا وحفظًا، وتيسيره لكل مسلم ولا يسع النَّاس غير هذا؛ لأنّ تيسير المصحف لكل أحد مجانًا أمر متعذر خاصّة في هذا الزّمان الّذي كثر فيه المسلمون، وتفرقوا في البلاد.
رابعًا: أن البيع إنّما هو واقع على الورق والتجليد والطباعة، وليس على كلام الله تعالى.
خامسًا: أن القول يحواز البيع والشراء للمصحف بلا كراهة هو الّذي عليه عمل المسلمين في الماضي وإلى يومنا هذا.