للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سبب الخلاف]

بين الإمام ابن قيم الجوزية سبب الخلاف في هذه المسألة فقال رحمه الله تعالى: "أصل هذه المسألة عامل الزَّكاة وقيم اليتيم فإن الله تعالى أباح لعامل الزَّكاة جزأ منها فهو يأخذه مع الفقر والغنى ... وأمّا ناظر التيم فالله تعالى أمره بالاستعفاف مع الغنى وأباح له الأكل بالمعروف مع الفقر ... والحاكم (القاضي) فرع متردد بين أصلّين، عامل الزَّكاة وناظر اليتيم، فمن نظر إلى عموم الحاجة إليه وحصول الصلحة العامة به ألحقه بعامل الزَّكاة فيأخذ الرزق مع الغنى، كما يأخذه عامل الزَّكاة، ومن نظر إلى كونه راعيًا منتصبًا لمعاملة الرعية بالأحظ لهم ألحقه بولي اليتيم، إنَّ احتاج أخذ، وإن استغنى ترك" (١).

[الأدلة والمناقشة]

أوَّلًا: أدلة القول الثّاني:

استدل أصحاب هذا القول، القائلون بعدم جواز أخذ الرزق على القضاء من بيت المال مع الغنى بما يأتي:

الدّليل الأوّل:

إنَّ القضاء يختص فاعله أن يكون من أهل القربة فلم يجز أخذ الأجرة عليه كالصلاة (٢).


(١) بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية ٣/ ١٤٦ - ١٤٧.
(٢) الكافي لابن قدامة ٤/ ٢٧٨. تنبيه: ساق ابن قدامة هذا الدّليل في معرض كلامه عن الرزق، ولكن الّذي يظهر أن هذا الدّليل خاص بالمنع من الاستئجار على القضاء، وليس بالرزق من بيت المال؛ لأنّ أخذ الرزق من بيت المال يختص بأهل القرب، ثمّ إنّه قد ساقه في "المغني" في معرض الاستدلال على المنع من الاستئجار، ولم يذكره في كلامه عن الارزق، ثمّ إنَّ قوله في الدّليل (فلم يجز أخذ الأجرة ...) يدلُّ لما ذكرت وأنّه في الأجرة وليس في الرزق، ويؤيد هذا صنيع برهان الدِّين ابن مفلح في المبدع حيث ذكر هذا الدّليل في معرض الاستدلال على المنع من الرزق، ثمّ فصل القول في الاستئجار بعد ذلك مباشرة. المبدع لابن مفلح ١٠/ ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>