للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الترجيح]

من خلال ما ذكر من أدلة وما ورد عليها من مناقشات يتبين رجحان القول الأوّل القاضي يحواز أخذ الرزق على الإفتاء مطلقًا سواء أكان المفتي غنيًا أم فقيرًا تعينت عليه الفتوى أم لا وذلك لما يأتي:

أوَّلًا: قوة ما استدل به أصحاب هذا القول وتعود قوته لما يأتي:

١ - أن منصب الإفتاء كان يقوم به النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وكانت كفايته - صلّى الله عليه وسلم - من بيت المال.

٢ - أن هذا المنصب كان يناط بالخلفاء وأئمة المسلمين، وكانوا يأخذون الأرزاق من بيت المال، وهذا محل اتفاق كما سبق فهذا القول جاء متمشيًا مع أصول الشربعة، وما جرى عليه العمل عند المسلمين منذ عهد النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - وإلى يومنا هذا.

٣ - أن أموال بيت المال مخصصة للمصلحة العامة والإفتاء من أعظم مصالح المسلمين لشدة حاجة المسلمين إليه لما فيه من بيان الأحكام الشرعية، والقيام بواجب البلاغ لدين الله عَزَّ وَجَلَّ.

ثانيًا: أنّه أمكن مناقشة ما استدل به أصحاب القول الآخر بما يضعف من دلالته.

ثالثًا: أن المفتي قد حبس نفسه لمصلحة المسلمين فكانت كفايته عليهم لقيام مصالحهم (١).


(١) الاختيار للموصلّي ٤/ ١٤١.
تنبيه: البحث هنا حول من فرغ نفسه لهذا المنصب سواء فرغه إمام المسلمين لذلك، أم قام هو بتفريغ نفسه لهذا العمل نظرا لحاجة المسلمين إليه ففي هذه الحالة يجب على الإمام إعطاؤه كفايته من بيت المال، أمّا من لم يكن متفرغًا لهذا العمل ولا يشغله عن تكسبه، كان يكون عنده عمل خاص من وظيفة كأستاذ جامعة أو نحوها، أو يملك عقارًا أو مؤسسة تجارية مثلًا، فإن هذا ليس له الأخذ من بيت المال، وعليه أن يحتسب عمله لوجه الله تعالى لأنّ هذا هو الأصل والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>