للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحكام ومفاهيم الكتاب والسُّنَّة، وعليه فإن دلالة هذا الحديث على جواز العوض على التأليف أولى من مورد النص والله أعلم (١).

الدّليل الثّالث:

أنّه إذا كان المصنَّف ملك لمصنفه وثبتت ملكيته، فله أن يتصرف في ملكه بأنواع التصرفات الجائزة أو المشروعة كبيعه أو هبته أو وقفه أو نحو ذلك من التصرفات (٢).

الدّليل الرّابع:

أن تجويز أخذ العوض المالي على التأليف والتحقيق، فيه دفع عظيم للبحث والتحقيق ونشر العلم، وشحذ لهمم العلماء لنشر علمهم وإبداعهم واجتهادهم، وهذا من أهم مقاصد الشّرع (٣).

الدّليل الخامس:

دلّ صنيع أهل العلم المتقدمين على أن مصنفاتهم ملك لهم أصلًا، ولولا أنّها ملك لهم لما استجازوا بيعها بالمال، وقد ثبت أن كثيرًا من أهل العلم بيعت كتبهم بأثمان كثيرة (٤).

فدلّ ذلك على جواز أخذ العوض المالي على التأليف.

[الترجيح]

الراجح من القولين السابقين هو القول الأوّل القاضي بجواز أخذ العوض المالي على التأليف في العلوم الشرعية، وترجع أسباب رجحانه لما يأتي:


(١) فقه النوازل لبكر أبو زيد ٢/ ١٣٣.
(٢) المرجع السابق.
(٣) المرجع السابق.
(٤) ذكر فضيلة الشّيخ بكر أمثلة كثيرة على بيع السلف لكتبهم منهم الحافظ أبو نعيم الإصفهاني، بيع كتاب (الحلية) في حياته بنيسابور بأربع مئة دينار، وبيع كتاب للحافظ ابن حجر في حياته بنحو ثلاثمائة دينار وغيرهما كثير ممّن فعل ذلك دون نكير من أحد من أهل العلم، فدلّ ذلك على الجواز، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>