للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا: أنّه لا يلزم من جواز أخذ الرزق جواز أخذ الأجرة، بدليل القضاء، والشهادة، فإنّه يجوز أخذ الرزق عليهما من بيت المال، أو من غيره، ولا يجوزْ أخذ الأجرة عليهما (١).

الدّليل الرّابع:

أنّه فعل يجوز التبرع به عن الغير فلا يكون كونه قربة مانعًا من الإجارة فيه قياسًا على الحجِّ عن الغير، وبناء المساجد، وكتب المصاحف، والسعاية على الزَّكاة (٢).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة الاستدلال بهذا الدّليل القياسي بما يأتي:

أوَّلًا: أن القياس على الحجِّ لا يصح؛ لأنّه قياس في مقابلة النص، حيث ورد النص بالمنع من أخذ الأجرة على الأذان، وهو حديث عثمان بن أبي العاص السابق، والقياس في مقابلة النص باطل.

أجيب عن ذلك: بأن الحديث لا يدلُّ على التّحريم، بل هو محمول على الورع، ونحن نقول به (٣).

ثانيًا: أن القياس على الحجِّ عن الغير، وبناء المساجد، ونحو ذلك، ممّا جاء في الدّليل قياس مع الفارق؛ فإن الحجِّ عن الغير ورد به النص - كما سيأتي في بابه -، وبناء المساجد لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة فيجوز أن يفعله المسلم، وغير المسلم، وما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة جاز أخذ الأجرة عليه. وأمّا كتب المصاحف فإن الكتابة في نفسها عمل يصح الاستئجار عليه؛ إذ لا يشترط فيها نيّة القربة.


(١) المغني لابن قدامة: ٥/ ٢٤.
(٢) الذّخيرة للقرافي: ٢/ ٦٦ - ٦٧.
(٣) الذّخيرة للقرافي: ٢/ ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>