للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الجواب عن هذا الوجه من المناقشة]

١ - أن حديث عائشة لا اضطراب فيه بأي وجه من الوجوه.

٢ - أما حديث ابن عباس، فيمكن الجواب عن دعوى الاضطراب فيه بما يأتي: أن الروايات المختلفة عن ابن عباس إنما كانت قصصًا مستقلة سئل عنها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فظن المانعون أن هذه القصص واحدة اضطرب الرواة فيها عن سعيد بن جبير، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله رجل عن صوم كان على أمه فأجابه، وسألته امرأة عن صوم على أمها فأجابها، وسألته امرأة عن صوم كان على أختها فأجابها، ومرة كان الصوم المسؤول عنه شهرًا، ومرة شهرين، ومرة خمسة عشر يومًا، ومرة كان الصوم مطلقًا، ومرة كان مقيدًا بالنذر، وقد أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذلك باستحباب النيابة عنهم في قضاء ما لزمهم من صوم، ويكفي في صحة هذه الأحاديث رواية أصحاب الصحيحين لها (١).

[ب- أجاب المانعون كذلك بأن هذه الأحاديث منسوخة.]

وبيان ذلك: أن ابن عباس، وعائشة رضي الله عنهم قد رُوِي عنهما القول بعدم الصيام عن الميت، مما يدل على أن العمل على خلاف هذه الروايات، فدل ذلك على أنها منسوخة (٢).

قال الطحاوي (٣): " ... ثم وجدنا ابن عباس، وعائشة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - قد تركا ذلك، وقالا بضده، وهما المأمونان على ما رويا، العدلان فيما قالا، فعقلنا بذلك


(١) شرح النووي على مسلم: ٨/ ٢٦ - ٢٧، فتح الباري لابن حجر: ٤/ ٢٢٨.
(٢) مشكل الآثار للطحاوي: ٦/ ١٧٦، ١٨٠، شرح فتح القدير لابن الهمام: ٢/ ٨٤، حاشية ابن عابدين: ٢/ ١١٨.
(٣) هو الإمام الحافظ الكبير: أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الطحاوي الحنفي، أحد أئمة الإسلام وأحد أئمة الحنفية الكبار، ولد سنة ٢٣٩ هـ بقرية طحا بمصر، له مؤلفات عدة منها: شرح معاني الآثار، وبيان مشكل الآثار، والمختصر في الفقه والعقيدة الطحاوية وغيرها، توفي سنة ٣٢١ هـ (سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٥/ ٢٧، الجواهر المضية للقرشي: ١/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>