إذا قام أحد أهل الخير والصلاح بالتدخل بين الخصوم، فأصلح بينهم فإن هذا من أحب الأعمال وأزكاها عند الله تعالى، وفي هذه الحالة فإنّه لا يستحق عوضًا على عمله هذا وذلك لما يأتي:
دلت هذه الآية الكريمة على الترغيب في الإصلاح بين النَّاس وأن يقوم به الإنسان على وجه الاحتساب والإخلاص لله عَزَّ وَجَلَّ ابتغاء الثّواب الجزيل في الآخرة؛ لأنَّ من فعله لغير ذلك، فهو غير مستحق لهذا المدح والجزاء، بل قد يكون غير ناج من الوزر، وهذا يدلُّ على أنّه لا يجوز أخذ العوض على الإصلاح بين النَّاس؛ لأنَّ أخذ العوض ينافي الاحتساب (١).
الدّليل الثّاني:
يمكن الاستدلال لذلك بأن من قام بالإصلاح متطوعًا بذلك، فإنّه يكون متبرعًا به، وعليه فلا يجوز أخذ العوض على عمله في هذه الحالة.
فإن غرم بسبب الإصلاح دينًا في ذمته، بأن يكون الصلح متوقفًا على المال، فيلتزم ذلك المال في ذمته حتّى يتم الصلح وترتفع العداوة وتزول الخصومة، فإنّه في
(١) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ٢/ ٣٦٥، فتح القدير للشوكاني ١/ ٥١٥.