للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليل الثّاني: من الآثر:

عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: إذا مرض الرَّجل في رمضان، ثمّ مات، ولم يصم، أطعم عنه، ولم يكن عليه قضاء، وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه" (١).

[وجه الاستدلال]

دلّ هذا الأثر على أن النَّذْر يقضى عن الميِّت دون الفريضة، وهذا نصّ صريح من ابن عبّاس في المسألة.

الدّليل الثّالث: من المعقول:

قالوا: إنَّ النيابة تدخل في العبادة بحسب خفتها، والنذر أخف حكمًا؛ لكونه لم يجب بأصل الشّرع، وإنّما أوجبه الناذر على نفسه، ولهذا جازت النيابة في النَّذْر دون غيره (٢).

وقد بين ابن القيم الفرق بين النَّذْر وبين واجب الشّرع الأصلّي، فقال: "وسر الفرق أن النَّذْر: التزام المكلَّف لما شغل به ذمته، لا أن الشارع ألزمه به ابتداءً فهو أخف حكمًا ممّا جعله الشارع حقًا له عليه، شاء أم أبى، والذِّمَّة تسع المقدور عليه، والمعجوز عنه، ولهذا تقبل أن يشغلها المكلَّف بما لا قدرة له عليه، بخلاف واجبات الشّرع، فإنها على قدر طاقة البدن، لا تجب على عاجز، فواجب الذِّمَّة أوسع من واجب الشّرع الأصلّي؛ لأنّ المكلَّف متمكن من إيجاب واجبات كثيرة على نفسه لم يوجبها عليه الشارع، والذِّمَّة واسعة، وطريق أداء واجبها أوسع من طريق أداء واجب الشّرع، فلا يلزم من دخول النيابة في واجبها بعد الموت دخولها في واجب الشّرع" (٣).


(١) أخرجه أبو داود في كتاب الصوم، باب فيمن مات وعليه صيام: ٢/ ٣١٥ (٢٤٠١)، وابن حزم في المحلى في الصِّيام: ٧/ ٧، وقد صححه ابن حزم فقال: وهذا إسناد صحيح، وصححه الألباني في أحكام الجنائز ص/٢١٥.
(٢) المغني لابن قدامة: ٤/ ٣٩٩.
(٣) تهذيب سنن أبي داود لابن القيم: ٣/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>