للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدّليل الثّاني:

قالوا: إنَّ اشتغال طالب العلم بالطلب والتحصيل، يجعله عاجزًا عن الكسب ولا يهتدي إليه، فلا تسقط نفقته عن الأب كالزمن والأنثى (١).

الدّليل الثّالث:

قالوا: لما كان طالب العلم مشتغلًا بالعلّم والطلب والإفادة والاستفادة والكسب يمنعه من ذلك وجبت له النفقة قياسًا على الزَّكاة (٢).

ومن خلال كلام أهل العلم نجد أنّهم اشترطوا لوجوب النفقة لطالب العلم: أن يكون مشتغلًا حقيقة بالطلب والتحصيل والإفادة والاستفادة، مجدًا في ذلك، رشيدًا مستقيمًا، غير منشغل عن التحصيل والطلب والاستفادة.

قال ابن عابدين: "الحقال في تقبله الطباع المستقيمة، ولا تنفر منه الأذواق السليمة القول بوجوبها -أي النفقة- لذي الرشد لا غيره ولا حرج في التمييز بين المصلح والمفسد لظهور مسالك الاستقامة وتمييزه من غيره" (٣).

وخلاصة ما عليه الراجح من أقوال الفقهاء أن طالب العلم إذا كان رشيدًا بمعنى أن يكون ناجحًا في طلب العلم، مجدًا فيه مفيدًا ومستفيدًا، وكان فقيرًا، فإن النفقة تجب له على أبيه أو على قريبه ذي الرّحم المحرم -على خلاف في الأخير-؛ لأنّه يعتبر عاجزًا عن الكسب بطلب العلم إذ طلب العلم وتحصيله يشغله عن كسب قوته وحاجاته الضرورية.

أمّا إذا كان طالب العلم غير رشيد ولا مجد في الطلب، ولا هو حريص عليه، فإنّه في هذه الحالة لا يستحق نفقة في مال غيره، ما دام صحيحًا قادرًا على كسب قوته.


(١) البناية شرح الهداية للعيش ٥/ ٥٣٩.
(٢) حاشية الشبراملسي ٧/ ٢٢٠، حاشية البجيرمي ٤/ ٦٧.
(٣) حاشية ابن عابدين ٢/ ٦٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>