للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشّريعة، وحجة الله على عباده، فعدم القول يحواز الاستئجار عليه يؤدِّي إلى تضييعه، وذهابه.

ثانيًا: أدلة أصحاب القول الثّالث:

استدل أصحاب هذا القول وهم المجوزون مطلقًا بأدلة من السُّنَّة والمعقول:

أ- أدلتهم من السُّنَّة:

الدّليل الأوّل: عن عبد الله بن مُحيريز (١)، وكان يتيمًا في حجر أبي محذورة (٢)، حتّى جهزه إلى الشّام، قال: قلت لأبي محذورة: إنِّي خارج إلى الشّام، وأخشى أن أُسأل عن تأذينك؟ فأخبرني أن أبا محذورة قال له: خرجت في نفر، فكنا ببعض طريق حنين، فقفل رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - من حنين، فلقينا رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - في بعض الطريق، فأذن مؤذن رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - بالصلاة عند رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فسمعنا صوت المؤذن، ونحن عنه متنكبون، فظللنا نحكيه ونهزأ به، فسمع رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - الصوت، فأرسل إلينا حتّى وقفنا بين يديه، فقال رسول الله - صلّى الله عليه وسلم -: (أيكم الّذي سمعت صوته قد ارتفع؟)، فأشار القوم إليَّ، وصدقوا، فأرسلهم كلهم وحبسني؛ فقال:

(قم فأذن بالصلاة)، فقمت، فألقى عليّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - التأذين هو بنفسه قال:


(١) هو: عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجُمحي، المكي، كان يتيمًا في حجر أبي محذورة بمكة، ثمّ نزل بيت المقدس، ثقة عابد من الثّالثة، مات سنة ٩٩ هـ، وقيل: قبلها، وذلك في خلافة الوليد بن عبد الملك. انظر (الإصابة لابن حجر: ٣/ ١٤٠ (٦٦٣٥)، شذرات الذهب لابن العماد: ١/ ٣٩٨، تقريب التهذيب: ص ٥٤٤ (٣٦٢٩).
(٢) أبو محذورة هو: أبو محذورة الجمحي، المكي المؤذن، صحابي مشهور، اختلف في اسمه؛ فقيل: أوس، وقيل: سمرة، وقيل: سلمة، وقيل: سلمان، كان من أحسن النَّاس أذانًا، وأنداهم صوتًا، علمه النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - الأذان؛ اسم أبيه مِعْير، وقيل: عمير بن لوذان، مات بمكة سنة ٥٩ هـ، وقيل: ٧٩ هـ. انظر (الإصابة لابن حجر: ٤/ ١٧٥ (١٠١٨)، تهذيب التهذيب: ١٢/ ٢٢٢ (١٠١٩)، تقريب التهذيب: ص ١٢٠٠ (٨٤٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>