للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد رحمه الله تعالى (١).

[الأدلة والمناقشة]

أوَّلًا: أدلة القول الثّاني:

استدل أصحاب هذا القول بأدلة من القرآن والأثر والمعقول:

[أ - دليلهم من القرآن]

قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النِّساء:٦].

[وجه الاستدلال]

حيث أمر الله تعالى بالإشهاد على الأيتام عند دفع المال إليهم، فدل ذلك على أن ما يأكله الوصي بالمعروف من مال اليتيم، إنّما هو على سبيل القرض؛ لأنّ الحاجة إلى الإشهاد إنّما تكون عند الأخذ قرضًا ليأكل منه، ولو كان المال في يد الوصي أمانة لما كان هناك حاجة إلى الإشهاد (٢).

[مناقشة الاستدلال]

نوقش هذا الاستدلال بما يأتي:

أوَّلًا: أن المراد بالآية هو الإشهاد على دفع مال اليتيم الّذي تحت يد الوصي، وهو وإن كان أمانة إِلَّا أن الأمر بالإشهاد هنا جاء تنبيهًا على التحصين وزوالًا للتهم ثمّ إنَّ كلّ مال قبض على وجه الأمانة بإشهاد لا يبرأ منه إِلَّا بالإشهاد على دفعه ومال اليتيم عند الوصي أمانة، فلو ضاع قبل قوله، فإذا قال دفعتُ لم يقبل إِلَّا بالإشهاد؛ لأنَّ الضياع لا يمكنه إقامة البينة عليه وقت ضياعه، فلا يكلف ما لا سبيل إليه، والبينة يقدر أن يقيمها وقت الدفع فتفريطه فيها موجب عليه الضمان (٣).


(١) الإنصاف للمرداوي ٥/ ٣٤٠.
(٢) بدائع الصنائع للكاساني ٥/ ١٥٤، جامع البيان لابن جرير الطّبريّ ٤/ ٢٥٥.
(٣) أحكام القرآن لابن العربي ١/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>