للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: أدن القياس على الرزق قياس مع الفارق، فإن الأرزاق من بيت المال على المصالح مجمع على جوازها - كما سبق بيانه -، بخلاف الإجارة، وهناك فروق كثيرة بين الرزق والإجارة سبق ذكرها، فأغنى عن الإعادة، وعلى هذا يكون القياس غير صحيح (١).

ثالثًا: أن هذا قياس في مقابلة النص، والقياس قي مقابلة النص فاسد الاعتبار (٢).

الدّليل الثاني: قالوا: إنَّ الأذان عمل معلوم يرجع نفعه إلى عموم المسلمين فجاز الاستئجار عليه كتعليم القرآن (٣).

[مناقشة الاستدلال]

يمكن مناقشة هذا القياس بما يأتي:

أوَّلًا: إنَّ هذا قياس فاسد؛ لأنّه قياس في مقابلة النص، فإن الأذان قد ورد نصّ بالمنع من الاستئجار عليه، وهو حديث عثمان بن أبي العاص (٤)، وسيأتي (٥).

ثانيًا: يمكن مناقشة هذا القياس كذلك بأن القياس على القرآن قياس مع الفارق؛ فإن تعليم القرآن قد وردت بخصوصه نصوص تدل على جواز الاستئجار على تعليمه، ثمّ إنَّ حاجة النَّاس إلى تعليم القرآن أشد؛ لأنّه أصل الدِّين، وعماد


(١) المغني لابن قدامة: ٢/ ٧٠. وانظر ص: ٦٧ من هذا الكتاب.
(٢) الممتع شرح المقنع لابن المنجى: ١/ ٣٢٠.
(٣) أسنى المطالب لزكريا الأنصاري: ١/ ١٣٢، مغني المحتاج للشربيني: ١/ ١٤٠.
(٤) هو: أبو عبد الله، عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي، نزيل البصرة، أسلم في وفد ثقيف، فاستعمله النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - على الطائف، وأقره أبوبكر، ثمّ عمر، ثمّ استعمله عمر على عُثمان، والبحرين، سكن البصرة، ومات بها في خلافة معاوية - رضي الله عنه - سنة ٥٠، وقيل: ٥١ من الهجرة. (الإصابة لابن حجر: ٢/ ٤٥٣، تقريب التهذيب لابن حجر: ص ٦٦٥.
(٥) راجع ص/١٩٦ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>