للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هريرة، وابن عبّاس، وهو قول الحسن البصري، وسعيد ابن المسيَّب، وعطاء، والأوزاعي (١)، والثوري، وأبي ثور، وإسحاق، وغيرهم (٢).

القول الثّاني: قالوا: إنَّ النيابة عن الميِّت جائزة، وليست واجبة؛ لأنّ فرض الحجِّ يسقط عنه، فلا يجب على ورثته الإحجاج عنه، فإن تبرعوا عنه بالحج هم أو غيرهم ممّن هم أهل للتبرع جاز ذلك.

وبهذا قال الحنفية (٣).


(١) هو: عبد الرّحمن بن عمرو بن يُحمد بن عمرو الأوزاعي، أبو عمرو، إمام المسلمين في زمانه وإمام أهل الشّام خاصّة، الفقيه المحدث شيخ الإسلام أحد أتباع التابعين، ولد ببعلبك سنة ٨٨ هـ، أجمع العلماء على إمامته، قال ابن حجر: ثقة جليل، من مؤلفاته: كتاب السنن، والمسائل وغيرها، توفي سنة ١٥٧ هـ ببيروت مرابطًا في سبيل الله: تذكرة الحفاظ للذهبي: ١/ ١٧٨، تقريب التهذيب لابن حجر ص/٥٩٣.
(٢) المحلى لابن حزم: ٧/ ٦٤. ٦٥، المغني لابن قدامة: ٥/ ٣٨.
(٣) الحجة على أهل المدينة لمحمد بن الحسن: ٢/ ٢٢٧، شرح فتح القدير لابن الهمام: ٢/ ٣٢٠، حاشية ابن عابدين: ٢/ ٢٣٩،
تنبيه: نسب الإمامان ابن حزم، والنووي إلى الإمام أبي حنيفة رحمه الله تعالى، القول بالمنع من النيابة إذا لم يوص، وهذه النسبة الّتي يظهر أنّها خطأ؛ لأنّ المنقول عن أبي حنيفة هو القول بالجواز. قال ابن عابدين نقلًا عن مناسك السروجي: "لو مات رجل بعد وجوب الحجِّ، ولم يوص به فحج رجل عنه، أو حج عن أبيه وأمه عن حجة الإسلام من غير وصية، قال أبو حنيفة: يجزيه إن شاء الله تعالى". قال ابن عابدين: "والمعنى: جاز عن حجة الإسلام إن شاء الله تعالى".
قلت: ولعلّ عذر هذين الإمامين في ذلك أنّه قد يفهم من القول بسقوط فرض الحجِّ عن الميِّت بالموت عند الحنفية، المنع من النيابة كما هو مذهب المالكية، ولكن مرادهم بسقوط الحجِّ عن الميِّت هو سقوط الوجوب، بحيث لا يجبر الورثة على ذلك، بخلاف ما إذا أوصى به فإنهم يجبرون على ذلك، والله تعالى أعلم. انظر: حاشية الشلبي على تببين الحقائق: ٢/ ٨٥، وحاشية ابن عابدين: ٢/ ٢٣٩، المجموع للنووي:٧/ ١١٢، المحلى لابن حزم: ٧/ ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>