الخير لهم، فإن الأخذ بهذا القول يمكن المكلَّف من إبراء ذمته، وتدارك ما فاته، ممّا أوجبه الله عليه، في الوقت الّذي لا يمكن فيه إلزام الغير بالتطوع عنه بذلك.
ومما يجب التنبيه عليه هنا أن القول بجواز الاستئجار على الحجِّ، لا يعني أن يكون كلّ هم النائب هو جمع المال، أو يكون قصده من الحجِّ هو استفضال المال، والاكتساب بذلك فقط، فإن هذا - وإن قيل بجوازه - لا يستحب، ولا يحسن بالمسلم أن يفعل ذلك؛ لأنّ عمله حينئذ خرج من باب الطاعات، والقربات، إلى باب المباحات، فيحل له المال الّذي ياخذه، لكن لا ثواب له في الآخرة.
ويقرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية تقريرًا حسنًا بديعًا، فيقول:"وأمّا إذا كان قصده الاكتساب بذلك، وأن يستفضل مالًا، فهذا سورة الإجارة والجعالة، والصواب أنّه لايستحب - وإن قيل بجوازه -؛ لأنّ العمل المعمول للدنيا ليس بعمل صاع في نفسه، إذا لم يقصد به إِلَّا المال، فيكون من نوع المباحات، ومن أراد الدنيا بعمل الآخرة فليس له في الآخرة من خلاق".
ثمّ يقول رحمه الله تعالى:"ونحن إذا جوزنا الإجارة والجعالة على أعمال البرّ الّتي يختص أن يكون فاعلها من أهل القرب، لم نجعلها في هذه الحالة إِلَّا بمنزلة المباحات، لانجعلها من "باب القرب"، فإن الأقسام ثلاثة: إمّا أن يعاقب على العمل بهذه النية، أو يثاب، أو لايثاب، ولايعاقب، وكذلك المال المأخوذ: إمّا منهي عنه، وإما مستحب، وإما مباح، فهذا هذا، والله أعلم.
ولكن قد رجحت الإجارة على (١)، ... إذا كان محتاجًا إلى ذلك المال للنفقة مدة الحجِّ، وللنفقة بعد رجوعه، أو قضاء دينه، فيقصد إقامة النفقة، وقضاء الدِّين الواجب. وعليه فهنا تفسير الأقسام ثلاثة: