للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أجرة لمن ينوب عن صاحبه في الغزو، وليس على سبيل النفقة، والإعانة على الغزو، كما تقدّم بيان ذلك (١).

وأخذ الجعد على الجهاد على معنى الإجارة، والعوض على الجهاد، حكمه عند الفقهاء، حكم الإجارة على الجهاد، سواء بسواء، وبيان ذلك:

أن الجهاد إذا كان فرض عين، فلا يجوز أخذ الجعل عليه، وقد سبق بيان ذلك في مبحث الإجارة على الجهاد.

قال ابن قدامة: "والجعالة تساوي الإجارة ... في أن ما جاز أخذ العوض عليه في الإجارة من الأعمال جاز أخذه في الجعالة، وما لا يجوز أخذ الأجرة عليه في الإجارة مثل الغناء، والزمر، وسائر المحرمات، لا يجوز أخذ الجعل عليه، وما يختص فاعله أن يكون من أهل القربة، ممّا لا يتعدى نفعه فاعله كالصلاة، والصيام، لا يجوز أخذ الجعل عليه، فإن كان ممّا يتعدى نفعه كالأذان، والإقامة، والحج، ففيه وجهان كالروايتين في الإجارة .... " (٢).

فإن كان الجهاد فرض كفاية فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:

القول الأوّل: لا يجوز مطلقًا أخذ الجعل على الجهاد.


(١) وبسبب عدم التفريق بين هذين المعنبين، وقع لبس في كلام بعض أهل العلم في حكم الجعل على الجهاد، فلم يتحرر محل النزاع عندهم، ومن ذلك أن الإمام البغوي نسب القول بالجواز إلى الحنفية، وهو في الواقع غير ذلك؛ فإن الّذي أجازه الحنفية إنّما هو النفقة، أمّا الجعل على معنى العوض فهم أكثر النَّاس منعًا منه مطلقًا. وسيتضح ذلك من خلال البحث في حكم أخذ الجعل - بمعناه الثّاني، وهو المعاوضة - على الجهاد، عن الغير.
(٢) المغني لابن قدامة: ٨/ ٣٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>