للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو بقوة قاهرة (١)، بقي أن إطلاق اسم الوديعة على هذه الأموال الّتي تتلقاها البنوك، حتّى اشتهرت باسم الودائع المصرفية، لا يغير من حقيقتها وهي كونها قرضًا، وإنّما أطلق عليها اسم الودائع؛ لأنّها تاريخيا بدأت بشكل ودائع وتطورت خلال تجارب البنوك واتساع أعمالها إلى قروض، فظلت تحتفظ من الناحية اللفظية باسم الودائع، وإن فقدت المضمون الفقهي لهذا المصطلح (٢).

وقد ذهب البعض إلى التفريق بين أنواع الودائع ففرقوا بين الوديعة الجارية (تحت الطلب)، وبين الوديعة لأجل، فعدوا الوديعة المؤجلة قرضًا، والوديعة تحت الطلب وديعة حقيقية بالمعنى الشرعي للوديعة (٣).

وفي الحقيقة أن هذا تفريق بعيد لا يلتفت إليه؛ لأنَّ ما ذكر سابقًا عن حقيقة الوديعة الشرعية لا يمكن بحال أن يسري على أحكام الوديعة الجارية (تحت الطلب)، فلا يمكن للوديعة تحت الطلب أن تكون وديعة حقيقية إِلَّا إذا توفرت فيها جميع خصائص وسمات الوديعة الشرعية وهذا لا يقول به أحد.

وذهب البعض إلى تكييف الوديعة المصرفية على أنّها إجارة شرعية بناءً على أن بعض الفقهاء عد الوديعة الشرعية بأجرة من قبيل الإجارة وقد عللوا ذلك: بأن عقد الإجارة ينصب على بيع المنفعة أي الخدمة وهي هنا تتمثل في قيام المصرف بأداء خدمة (منفعة) لعميله من حيث تولية حفظ النقود أو المستندات المودعة بمعرفة


(١) الودائع المصرفية للأمين ص: ٢٣٢.
(٢) البنك اللاربوي للصدر، ص: ٨٤.
(٣) وقد ذهب إلى هذا الدكتور حسن عبد الله الأمين، كما في كتابه الودائع المصرفية ص: ٢٣٢ - ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>