أوَّلًا: قوة ما استدل به أصحاب هذا القول وبخاصة الأدلة من القرآن الكريم، فهي تدل على وجوب أداء الشّهادة، وأن يكون ذلك قربة إلى الله تعالى، قال الإمام الشوكاني:"هذا أمر للشهود بأن يأتوا بما شاهدوا به تقربًا إلى الله"(١).
إذن فالشهادة واجبة إمّا على الكفاية فإذا أتى بها الشّاهد تغنيت عليه، أو تكون واجبة على الأعيان من الأصل، وفي كلّ من الحالين فهي من القرب إلى الله تعالى، وعليه فلا يجوز أخذ الأجرة عليها.
ثانيًا: أن ما ذكره أصحاب الأقوال الأخرى من الأدلة أمكن مناقشتها وإخراجها عن دلالتها.
ثالثًا: أن هذا القول لا يردّ عليه اعتراضات كما ورد على الأقوال الأخرى، فإن قول من قال بالجواز للحاجة، يمكن دفعه، بما حصل الاتفاق عليه من جواز النفقة للشاهد، فإن بها تندفع الحاجة.
وأمّا بقية الأقوال الأخرى فمدارها على الجواز إذا كانت الشّهادة فرض كفاية، وهذا يندفع بما إذا قام بها الشّاهد، فإنها تصبح حينئذ فرض عين، وفي هذه الحالة لا يجوز أخذه أجرة عليها بالاتفاق. والله تعالى أعلم.