للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفقه، والإمامة، والأذان، لا يجوز أن يفعله كافر، ولا يفعله إِلَّا مسلم، بخلاف النفع الّذي يفعله المسلم والكافر كالبناء، والخياط، والنسج، ونحو ذلك، وإذا فعل العمل بالأجرة لم يبق عبادة لله، فإنّه يبقى مستحقًا بالعوض معمولًا لأجله، والعمل إذا عمل للعوض، لم يبق عبادة كالصناعات الّتي تعمل بالأجرة" (١).

وهذا ما صرح به ابن قدامة حيث قال: "وما لا يختص فاعله أن يكون من أهل القربة كتعليم الخط، والحساب، والشعر المباح، وأشباهه، وبناء المساجد، والقناطر جاز أخذ الأجر عليه؛ لأنّه يقع تارة قربة، وتارة غير قربة، فلم يمنع من الاستئجار لفعله؛ كغرس الأشجار، وبناء البيوت" (٢).

وحينئذ يجوز للإمام الاستئجار على هذه الأعمال، ويكون ما يأخذه العامل أجرة لا رزقًا. قال شمس الدِّين الرملي: "يكفي الإمام لا غيره إنَّ استأجر من بيت المال أن يقول: استأجرتك كلّ شهر بكذا ... " (٣).

ومما سبق يتضح أن ما يؤخذ من بيت المال تارة يكون رزقًا، وتارة يكون أجرة (٤)؛ وذلك على حسب ما ذكر من ضوابط، وعلى ضوء ما نقل عن أهل العلم في ذلك.


(١) مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ٣٠/ ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٢) المغني لابن قدامة: ٨/ ١٤١.
(٣) نهاية المحتاج للرملي: ١/ ٤١٨، وانظر: روضة الطالبين: ١/ ٢٠٦.
(٤) المحلى لابن حزم: ٨/ ١٩٦، قال ابن حزم: "وإجارة الأمير من يقضي بين النَّاس مشاهرة جائزة". فهذا يدلُّ على أن ما يخرج من بيت المال قد يكون أجرة، كما قد يكون رزقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>