أظنه منكم ولو أني أعلم أني أخلص إليه لأحببت لقاءه ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه وليبلغن ملكه ما تحت قدمي «١» .
وأورد الطبري حديثا متسلسلا عن عطاء بن يسار قال:«لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت أخبرني عن صفة رسول الله في التوراة؟ قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة كصفته في القرآن. يا أيها النبي إنّا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وحرزا للأميين. أنت عبدي ورسولي اسمك المتوكّل ليس بفظ ولا غليظ.
ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلّا الله ويفتح به قلوبا غلفا. وآذانا صما وأعينا عميا. قال عطاء: ثم لقيت كعبا فسألته فما أخلف حرفا وزاد بعد قوله ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح» .
وهناك آيات تندّد باليهود لأنهم كفروا برسالة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم والقرآن مع أنهم كانوا يعرفون أنهما حق ويستفتحون أي يزهون ويتفاخرون بهما على العرب قبل الإسلام حيث كانوا يقولون لهم إنهم سيكونون معه حزبا واحدا. وكان ذلك حسدا وغيظا مما حسبوه تهديدا لمراكزهم ومصالحهم مثل ما جاء في آيات سورة البقرة هذه: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠) حيث ينطوي في الآيات شاهد قرآني صريح على أن اليهود كانوا يعرفون صفات النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم.
ولقد روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولا يؤمن بالذي أرسلت به
(١) التاج ج ٤ ص ٦٧- ٦٨. وسنورد نصّ الحديث في سياق تفسير الآية [٦٤] من سورة آل عمران لأن الحديث روي في مناسبتها.