إلّا كان من أصحاب النار» «١» . حيث ينطوي في الحديث تساوق مع القرآن الذي يقرّر أن رسالته لجميع الناس بما فيهم اليهود والنصارى وكون النبي صلّى الله عليه وسلّم موقنا أعمق يقين بأن أسفارهم قد وصفته وبشّرت به وأنهم مأمورون فيها بالإيمان برسالته حين يبعثه الله وأنهم يظلون ملزمين بذلك إلى أبد الدهر. وآيات سورة البيّنة وبخاصة الآية السادسة منها وهي: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (٦) صريحة بأن القرآن يصف كل جاحد لرسالة النبي من أهل الكتاب بعد أن بلغتهم كافرين مستحقين للنار وخالدين فيها كذلك.
ومن الجدير بالذكر أن الإسلام ظلّ ينشد في اليهود والنصارى بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم أيضا. فقد كان في بلاد الشام ومصر طوائف كبيرة من اليهود فتضاءل عددها لإقبال الكثير منهم على الإسلام. ولقد كانت النصرانية سائدة في هذه البلاد وفي العراق العربي أيضا فلم يكد ينتهي القرن الهجري الأول حتى دان أكثرية النصارى الكبرى في هذه البلاد بالإسلام. ولقد كانت هذه الأكثرية على مذهب اليعاقبة والنساطرة الذي يقول بوحدة طبيعة المسيح وكونها مزيجا من اللاهوتية والناسوتية. ولقد كانت الدولة الرومانية صاحبة السلطان في بلاد الشام ومصر على مذهب آخر يعرف بالملكاني ويقول بثنائية طبيعة المسيح وكونه إلها كاملا وإنسانا كاملا. وكان بين أهل هذا المذهب وأهل المذهب الأول نزاع وشقاق وقتال. وتعرّض هؤلاء لاضطهاد الدولة التي كانت تدين بالمذهب الثاني، فمن المحتمل كثيرا أن يكون أصحاب المذهب الأول وجدوا تطابقا ما بين مذهبهم وتقريرات القرآن عن المسيح التي منها أنه إنسان وأنه كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه كما جاء في آية سورة النساء [١٧١] فأقبلوا على الإسلام ووجدوا فيه منقذا روحيا وسياسيا لهم في آن واحد. وبعض الأغيار يزعمون أن الذين آمنوا من اليهود والنصارى بعد النبي إنما أسلموا بقوة السيف. وهذا افتراء محض يكذبه إيمان من آمن منهم في حياة