المختلفة من جهة وتناسب فصولها الأخرى في صدد التأديب والأنكحة في حين أن من هذه الفصول والآيات ما نزل متأخرا أو ما نزل متقدما أو ما نزل بعد فصول سور أخرى إلخ مما نبهنا عليه في التفسير وما يمكن أن نمثل عليه بفقرة من آية النساء [٢٥] التي تذكر أن على الإماء المحصنات نصف ما على الحرائر من الحد، حيث وضعت هذه الفقرة في الآية لمناسبة السياق في حين أنها نزلت حتما بعد آية سورة النور [٢] التي تذكر الحدّ على الزناة.
ولعل من ملهمات القرآن كذلك على ترتيب آيات وفصول هذه السور المتنوعة الفصول في حياة النبي الآية الأخيرة من سورة النساء في وارث الكلالة، حيث يلهم وضعها أنها نزلت متأخرة وبعد أن تم تأليف السورة فألحقت بأمر النبي بالسورة ولو بآخرها لأن الموضوع الذي تتصل به قد جاء في سورة النساء. ولو كانت فصول سورة النساء وآياتها لم ترتب على عهد النبي وبأمره أو لو كانت هذه السورة غير مرتبة الآيات والفصول حينما نزلت الآية لكانت وضعت، على ما يبدو مستقيما في سياق فصل التوارث مثل عقوبة الإماء المحصنات التي وضعت في مناسبتها، وهذه ظاهرة خطيرة أو بالأحرى دليل قرآني حاسم على أن ترتيب السور إنما تم في حياة النبي وأمره.
ومن هذه الملهمات آية الأحزاب [٤٩] بشأن عدة المطلقة بدون مسّ ودخول. وقد احتوت البقرة سلسلة آيات بهذا الشأن [٢٣٥- ٢٤١] وقد انصبت كلها على مهورهن. أما آية الأحزاب فذكرت عدم وجوب العدة عليهن. فلو كانت سورة البقرة لم يتم ترتيبها في عهد النبي عند ما نزلت آية الأحزاب لكان المتبادر أن تلحق بسلسلة البقرة للتناسب الوثيق ولما وضعت في سورة الأحزاب كفصل خاص لا صلة له بسابق ولا لاحق. ومن باب أولى أن يكون ذلك لو كان الترتيب تمّ في عهد أبي بكر.
ولقد يرد أن هناك آيات مدنية في سور مكية وآيات مكية في سور مدنية، وأن هذا قد يقوم قرينة على أن السور المكية لم تكن تامة الترتيب في العهد المكي الجزء الأول من التفسير الحديث ٨