الرقوق بدون تغيير وتبديل وعدم احتمال ذلك على الأناجيل الأربعة أيضا. وما علقنا به على هذه الأقوال في البحث السابق يرد هنا بتمامه كذلك فلا حاجة للإعادة.
وفي سورة المائدة بالنسبة للنصارى بالإضافة إلى ما بين الأناجيل المتداولة ونصوص القرآن من مباينات متنوعة آية تفيد أنهم لم يحافظوا على كل ما ذكرهم الله به أو نزل إليهم وهي هذه: وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ [١٤] .
وفي سورتي مريم والزخرف هذه الآيات التي جاءت في سياق الكلام عن رسالة عيسى عليه السلام والتي تذكر ما كان من اختلاف الناس وأحزابهم فيها مما يمكن أن يكون مرجعه اختلاف المصادر والنصوص التي سجّلها الكتّاب عن سيرة عيسى ورسالته من بعده:
(١) قال الحداد عن هذه الآيات إنها مقحمة على السياق لأنها مخالفة للقافية. وهذا ليس سببا صحيحا لأن مثل هذا وارد في سور أخرى. ومع ذلك فلو فرضنا أنها نزلت منفصلة ثم وضعت في مكانها للمناسبة فإنما يكون ذلك بأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم وليس فيه تغيير وإخلال للموضوع والمقصد. وإذا كان قصده من كلمة مقحمة هو أنها مزيدة لأنه يزعم مثل هذا في شأن آيات أخرى فإن نصّ آيات الزخرف التالية مطابقة لها وتقرر ما تقرّره. وهذا فضلا عن أن هناك آيات عديدة تقرر ما تقرره مثل آيات سورة آل عمران هذه: ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨) إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) ومثل آية المائدة هذه: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ [٧٢] وبهذا تسقط الحجة والزعم الزائفان.