والصف [٦] قد وردت في أناجيل أخرى كانت متداولة في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم فأهملت وفقدت أو أبيدت لأن فيها ما هو متطابق مع التقريرات القرآنية بصراحة قطعية لا تتحمل التأويل فلم تصل إلينا برغم وصف النصارى لغير الأناجيل الأربعة التي يعترفون بها بأنها دخيلة أو متحوّلة أو مزوّرة. ولقد ورد في آخر إنجيل يوحنا رابع الأناجيل المعترف بها هذه العبارة:(وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع لو أنها كتبت واحدة فواحدة لما ظننت أن العالم نفسه يسع الصحف المكتوبة) التي تفيد أنه فات كاتب هذا الإنجيل أشياء كثيرة جدا من أقوال وأحداث ومعجزات وتبليغات عيسى عليه السلام. وليس ما يمنع أن يكون من هذه الأشياء ما هو مدوّن في أناجيل وقراطيس أخرى فقدت أو أبيدت.
والمتبادر أن النصارى رأوا أن يستقروا على الأناجيل الأربعة لأنهم رأوها الأكثر انسجاما مع المسلّمات والعقائد التي استقرّوا عليها نتيجة للمجامع المقدسة ويهملوا ويبيدوا ما استطاعوا مما يصفونه بالدخيل والمتحول والمزوّر وما كان فيه مطابقة لما جاء صراحة في القرآن عن عبودية عيسى لله وكونه نبيا من أنبيائه وكونه إنّما دعا إلى الله ربّه وربّ الناس، وعن تبشيره من بعده برسول اسمه أحمد وعن صفات هذا الرسول الصريحة.
ولقد طبّق الأستاذ الحداد ما قاله وأوردناه في سياق بحث التوراة من كون التوراة كلام الله ويستحيل تبديلها بنصّ القرآن على الإنجيل المنزل على عيسى الذي كان موجودا في زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم. ولقد قلنا قبل إن آيات المائدة [٤٦ و ٤٧ و ٦٥ و ٦٧] قد تفيد حقا إن هذا الإنجيل كان موجودا. ولقد علقنا على قوله تعليقا فيه الكفاية في سياق ذلك البحث فلا نرى ضرورة لإعادته وما قلناه هناك يرد هنا بتمامه.
ولقد طبّق قوله الذي أوردناه في سياق البحث السابق وهو أن كتّاب الأسفار هم كتّاب وحي الله على كتاب الأناجيل الأربعة. كما طبق قوله إن الأسفار كانت مكتوبة على رقوق قديمة قبل النبي وأن المطبوع المتداول اليوم هو طبقا لهذه