للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التاج رواية عن الترمذي وأبي داود «١» . وهناك حديث آخر أورده هذا المؤلف في فصل التفسير الذي أورد فيه الحديث الأول رواه الترمذي عن أبي هريرة قال: «قال النبي صلّى الله عليه وسلّم لما خلق آدم مسح ظهره فسقط من ظهره كلّ نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة. وجعل بين عيني كلّ إنسان منهم وبيصا من نور ثم عرضهم على آدم فقال أي ربّ من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذرّيتك إلخ ... » «٢» .

ولقد انقسم المفسرون والمؤولون في تأويل العبارة القرآنية. فمنهم من أخذ بظاهرها مستأنسا بالأحاديث النبويّة التي تتوافق مع هذا الظاهر دون توسّع في التخريج على طريقة السلف الإسلامي الأول. ومنهم الطبري الذي قال إن أولى الأقوال بالصواب ما روي عن رسول الله إن كان صحيحا ولا أعلمه صحيحا وإن لم يكن صحيحا فهو خبر من الله. ومنهم من علّل الأحاديث وقال إن بعضها موقوف وبعضها مرفوع وبعضها ضعيف. وإن فيها ما يخالف القرآن. فقد ذكر القرآن بني آدم وذكرت الأحاديث آدم وذكر الذرية والظهور بالجمع ومقتضى الأحاديث أن تكون مفردة. والقرآن أخبر أن الله فعل ذلك لئلا يقولوا إنهم كانوا غافلين ويعتذروا بشرك آبائهم مع أن مقتضى العبارة أن آباءهم قد شهدوا أيضا إلخ ... وجنحوا بعد ذلك إلى التخريج فقالوا إن العبارة القرآنية هي في مقام التمثيل ولسان الحال وأوردوا بعض الآيات القرآنية للتدليل على ذلك. ومن هؤلاء الزمخشري الذي قال إن العبارة من باب التمثيل والتخييل وإن معناها أن الله نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها فيهم وجعلها مميزة بين الضلالة والهدى. فكأنه أشهدهم بذلك على أنفسهم وقررهم وقال لهم ألست بربكم وكأنهم قالوا بلى أنت ربنا شهدنا على أنفسنا وأقررنا بوحدانيتك وإن باب التمثيل واسع في كلام الله تعالى ورسوله وفي كلام العرب. ونظيره قوله تعالى:

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل: ٤٠] ومعلوم أنه لا قول


(١) التاج ج ٤ ص ١٠٥- ١٠٦.
(٢) المصدر نفسه. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>