السابقة. والثابت المؤيد بمضامين السورتين أن الأنفال من أوائل ما نزل في المدينة في حين أن التوبة من أواخر ما نزل فيها فورودهما واحدة وراء الأخرى وفي سلك الطوال ودون فاصل ببسملة يلهم أنه بأمر النبي إذ لو كان هذا الترتيب بعده لو ضعت الأنفال في سلسة المثاني كما هو شأن سورتي النور والأحزاب المدنيتين اللتين جاءت كل منهما منفردة بين سور مكية ومنها ما يلاحظ من الشذوذ في ترتيب السور الأطول وما يليها. فسورة المائدة أقصر وأقل عدد آيات وحيزا من سورتي الأنعام والأعراف بل ومن سورة التوبة بمفردها ولكنها جاءت قبلها. وسورة الشعراء من حيث عدد آياتها تأتي بعد سورة البقرة فهي أكثر عدد آيات من سائر السور الطويلة وسور المئين وقد جاءت مع ذلك بعد ثلاث وعشرين سورة كلها أقل عدد آيات منها ومنها ما هو أقل حيزا أيضا وآيات سورة الصافات التي جاء ترتيبها متأخرا جدا أكثر عددا من آيات سور النساء والمائدة والأنعام وهي أكثر آيات من جميع السور باستثناء البقرة والشعراء والأعراف والنساء وسور إبراهيم والرعد، والحجر أقل حيزا وعدد آيات من سور النحل والإسراء والكهف ومريم وطه ومع ذلك فقد جاءت قبلها. وسورة الأحزاب أكبر حيزا وأكثر عدد آيات من سور الروم ولقمان والسجدة التي سبقتها. وسورة الأعراف أكثر عدد آيات وأكبر حيزا من سورتي الأنعام والمائدة اللتين تقدمتاها. وسورة القصص أكبر حيزا وأكثر عدد آيات من سور الفرقان والنور والحج وأكبر حيزا من سورة النمل التي تقدمتها.
وسورة غافر أكبر حيزا وأكثر عدد آيات من سور الزمر ويس وفاطر وسبأ وأكبر حيزا من سورة ص التي تقدمتها ومثل هذا يقال في سورة الزمر وما تقدمها من بعض السور وما ذكرناه هو الشذوذ البارز. وهناك غيره غير قليل مما يدخل في هذا النطاق من حيث الحيز وعدد الآيات أو الأمرين معا بين السور المتوسطة والقصيرة ففي هذا على ما يتبادر لنا ملهمات بأن الترتيب قد كان بأمر النبي للحكمة التي رآها اجتهادا أو بناء على وحي رباني، فلم يكن من شأن أصحابه من بعده أن يبدلوا أو يغيروا فيه ولو لم يكن الأمر كذلك لاجتهدوا في إتمام النسق وفقا للترتيب الذي رأوه وجيها من تقديم الأطول ثم الذي يليه دون ما شذوذ بارز على الأقل. وليست