عشرة ليلة وفي رواية خمسا وأربعين. كما رووا أن الاحتباس كان عند ما سأله الكفار بإيعاز من اليهود عن أصحاب الكهف وذي القرنين وعن الروح فقال النبي لهم غدا أجيبكم ولم يقل إن شاء الله. ومع كل هذه الأحاديث والروايات فكان رواية عن مسلم رواها الطبرسي أن الآيتين حكاية لقول المتقين الذين ذكروا في الآيات السابقة حينما ينزلون منازلهم وباستثناء الحديث الذي يرويه البخاري والترمذي فالأحاديث الأخرى من المراسيل.
والعبارة القرآنية لا تتسق فيما يبدو مع القول بأن الآيتين حكاية لأقوال المتقين حينما ينزلون منازلهم في الجنة وهي أكثر اتساقا مع الأحاديث والروايات التي تذكر أنها حكاية لقول جبريل. مع ما يلحظ مع ذلك أن صيغة المتكلم في الآية صيغة جمع في حين أن الأحاديث والروايات تذكر جبريل وحده الذي سأله النبي صلى الله عليه وسلم ونزل عليه بالآية. ولما كان من الحقائق الإيمانية أن جميع ما في القرآن صادر من الله عز وجل وأن الملك الذي يبلغه ليس إلّا واسطة فقد خرّج المفسرون الكلام الصادر ظاهرا عن الملك بصيغة الجمع على أنه تبليغ رباني عن لسان الملك أو الملائكة.
ويلحظ أن هناك آيات عديدة يكون فيها الكلام موجها من قبل النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة ولم يسبق بأمر له بقول ذلك كما جاء في آيات سورة هود هذه الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (٢) وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (٣) إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤) وفي آية سورة الأنعام هذه قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (١٠٤) وأن هناك آيات يكون الكلام فيها صادرا في الظاهر عن غير الله كما جاء في آيات سورة الصافات هذه وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وقد خرّجت هذه الآيات بمثل التخريج الذي خرجت به الآيات التي نحن في صددها.
ولما كان سرّ الوحي القرآني مما لا تدرك ماهيته فالأولى أن يوقف في هذه