التي احتوت تسلية وتطمينا للنبي صلى الله عليه وسلم. وقد يكون من حكمة ذلك في مقامها ما احتوته السلسلة من مراحل رسالة موسى إلى فرعون وموقف فرعون، وملأه منها ليكون للنبي في ذلك الأسوة والتسلية. وبذلك يصح القول إن السلسلة كسائر القصص القرآنية لم ترد لذاتها وإنما وردت للتذكير والعبرة وضرب المثل.
على أن ما تخلل السلسلة من مواعظ وتلقينات وما أعقبها من تعقيب يربط بينها وبين الرسالة المحمدية ومواقف الكفار منها يجعل السلسلة غير قاصرة على تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وحمله على التأسي بل شاملة ليكون فيها العبرة والعظة وضرب المثل للمؤمنين والكفار معا.
ولقد ورد في سورة الأعراف السابقة النزول على هذه السورة سلسلة طويلة مثل هذه السلسلة في قصة رسالة موسى إلى فرعون وما كان من بني إسرائيل. غير أن في سلسلة سورة طه هذه أشياء لم ترد في تلك السلسلة حيث يمكن القول إن حكمة التنزيل التي اقتضت تكرار قصة رسالة موسى إلى فرعون وما كان من بني إسرائيل بعد ذلك لتجدد المناسبة اقتضت أن يكون في هذه السلسلة أشياء لم تكن في تلك حتى تتكامل نواحي القصة وما فيها من مواعظ وعبر.
وما ورد في الآيات التي نحن في صددها والتي هي الحلقة الأولى من السلسلة هو مطابق إجمالا لما ورد في الإصحاحين الثالث والرابع من سفر الخروج ثاني أسفار العهد القديم المتداول اليوم باستثناء اسم (طوى) وموضوع (الساعة) فإن ذلك لم يرد فيهما. ونعتقد أن ذلك مما كان متداولا في أوساط اليهود وواردا في بعض أسفارهم وقراطيسهم.
ولقد احتوى الإصحاحان المذكوران بيانات أوسع مما جاء في الآيات. ومن جملة ذلك أن المكان الذي رأى فيه موسى عليه السلام وناداه الله تعالى منه هو قرب جبل حوريب في البرية القريبة من مدين. والمتبادر أن ما ورد في الآيات هو ما اقتضت حكمة التنزيل إيراده من ذلك لتحقيق الهدف القرآني الذي هو الموعظة والتذكير دون السرد القصصي.