وهذا القول يطرد في كل ما جاء من قصص موسى وفرعون وبني إسرائيل وأنبيائهم. كما أنه يفسر تكرر هذه القصص وغيرها بأساليب وصيغ متنوعة في سور عديدة.
وفي كتب التفسير بيانات على هامش هذه الآيات معزوة إلى بعض أصحاب رسول الله وتابعيهم من عرب ويهود مسلمين. فيها ما هو المتطابع مع ما جاء في الأسفار وما هو غير متطابق. ولم نر طائلا إلى إيرادها لأنها لا تتصل بهدف الآيات المذكورة. وإن كانت تدل على أن ما احتوته الآيات كان متداولا في بيئة النبي صلى الله عليه وسلم.
ويكون في هذا دعما للهدف المذكور كما هو المتبادر. ولقد احتوت الحلقة توكيدا لبعض المبادئ والحقائق القرآنية التي وردت مرارا في السور القرآنية منها في السور التي مر تفسيرها. مثل تقرير وحدة الله عز وجل ووجوب عبادته وحده.
وحقيقة قيام الساعة وإخفاء الله لوقتها اختبارا للناس ليسعوا سعيهم فينالوا جزاءهم وفاقا له. ووجوب الإيمان بذلك وعدم الاستماع لوساوس المكذبين لها والمتبعين لأهوائهم لأن ذلك يؤدي إلى الخسران والهلاك. حيث يبدو من ذلك أن الآيات تهدف فيما تهدف إليه إلى إظهار التطابق بين هذه المبادئ والحقائق وبين ما وصّى الله به موسى عليه السلام من مثل ذلك وتوكيد وحدة المصدر الذي صدرت عنه تلك المبادئ والحقائق والوصايا. وقد تكررت الآيات التي هدفت إلى مثل هذا الهدف. ومن ذلك آية سورة الشورى هذه شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ما تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (١٣) .
ونلحظ أن الآيات هنا ذكرت انقلاب العصا إلى حية. في حين أن آيات سورة الأعراف ذكرت انقلابها إلى ثعبان. غير أن هذا الانقلاب كان أمام فرعون.
وانقلاب العصا إلى حية كان حين مناداة الله إياه. فالموقفان مختلفان. وقد قال الزمخشري وغيره مع ذلك إن الحية اسم جنس يقع على الذكر والأنثى والصغير