الغفران بدون توبة وانتظار الشفاعة بدون سبب غرور وحمق وجهالة.
وفي إحدى المناسبات يشبه ابن المنير المعتزلة بالمشركين ويقول إنهم يقولون هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا حيث يثبتون خالقا غير الله ولا يأنفون عن إثبات رازق غيره فأنّى يؤفكون.
وفي سبيل الهوى المذهبي يصرف الزمخشري جملة وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً [النساء: ٦٤] ، إلى معنى جرحه الله بمخالب قدرته.. ثم ينسى هذا فيقول في سياق آية وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ [الأعراف: ١٤٣] ، أسمعه الله كلاما وحروفا وأصواتا خلقها في ما حوله.
وبينما يؤول الزمخشري (عرش الله) في سياق آيات عديدة بعظيم قدرته وملكه يقول في سياق آية وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ [هود: ٧] ، إن فيها لدليلا على أن العرش والماء قد خلقا قبل السماوات والأرض، فيعترف بذلك بوجود مادي للعرش يناقض تأويله الأول.
وهذا قليل متنوع المدى من كثير جدا في «الكشاف» وتعليقات ابن المنير عليه يكفي لإيضاح ما قصدنا إليه. وليس معنى اكتفائنا بنقل ما جاء في «الكشاف» والتعليقات أنهما الوحيدان في هذا الباب، فإن المدقق في مختلف كتب التفسير كالخازن والبيضاوي وأبي السعود والرازي وغيرها يجد غمزات شديدة وخفيفة في مناسبة كثير من العبارات القرآنية، وتنبيهات على ما فيها من دلائل ضد مذهب مخالفيهم، أو على ما في استناد هؤلاء المخالفين إليها من وهن كما يجد توجيهات وتأويلات تتسق مع مذهبهم وتؤيده سلبا أو إيجابا وممن ذكرهم صاحب «الإتقان» على نمط الزمخشري في اتخاذ تفاسيرهم وسيلة إلى شرح مذاهبهم وتأييدها والطعن على غيرهم عبد الرحمن بن كيسان الأصمّ والجبائي وعبد الجبار الرماني.
وهذا عدا ما احتوته الكتب الكلامية والخلافية والنحلية والمذهبية الأخرى من التشاد والتجاذب حول العبارات القرآنية وصرفها من جانب كل فريق إلى مذهبه