وفي سياق تفسير معنى استواء الله ووجهه ويده ونزوله وعروجه يورد الزمخشري الأبيات المشهورة:
وجماعة سموا هواهم سنة ... لجماعة حمر لعمري مؤكفة
قد شبهوه بخلقه وتخوفوا ... شنع الورى فتستروا بالبلكفة «١»
فيورد ابن المنير ردا عليه الأبيات التالية:
وجماعة كفروا برؤية ربّهم ... حقا ووعد الله ما إن يخلفه
وتلقبوا الناجين كلا إنهم ... إن لم يكونوا في لظى فعلى شفه
ويذكر الزمخشري رواية عن طاووس التابعي جاء فيها أنه طرد رجلا من مجلسه يقول بالقدر فقيل له هذا فقيه فقال إبليس أفقه منه لأنه قال فيما أغويتني وهذا يقول إني أغوي نفسي، ثم يقول إن الرواية من تكاذيب المحيرة الذين بلغ بهم من تهالكهم على إضافة القبائح إلى الله أن لفقوا الأكاذيب على الرسول والصحابة والتابعين، فيرد ابن المنير فيقول إن كلامه حيدان عن العقيدة الصحيحة، وإن ذنب أهل السنة أنهم يؤمنون بخالق واحد في حين أن القدرية يتهالكون حتى ليشركوا كل شخص مع الله في الخلق.
ويحمل الزمخشري على الأشاعرة في سياق تفسير جملة وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ [الحج: ٣] ، فيقول وما أرى رؤساء أهل الأهواء والبدع والحشوية المتلقبين بالإمامة في دين الله إلا داخلين تحت هذا دخولا أوليا، بل هم أشد الشياطين ضلالا وأقطعهم لطريق الحق حيث دونوا الضلال تدوينا ولقنوه أشياعهم تلقينا وكأنهم ساطوه بلحومهم ودمائهم.
ويندد بخصومه في صدد تفسير جملة فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ [البقرة: ٢٨٤] فيقول إن أهل الأهواء والبدع يتصامون عن آيات الله فيخبطون خبط عشواء ويطيبون لأنفسهم بما يفترون على ابن عباس في قولهم هذا، وإن انتظار
(١) منحوتة عن جملة «بلا كيف» يعني أن الأشاعرة يقولون إن الله استوى إلى العرش ولكن دون أن يعرف أحد كيفية هذا الاستواء.