القرنين في الأرض شرقا وغربا معزوة إلى وهب بن منبه خلاصتها أن ذا القرنين الذي هو في رواية وهب كان ابن عجوز من الروم اسمه الإسكندر وصفحتا وجهه من النحاس لما بلغ وكان عبدا صالحا ناداه الله وقال يا ذا القرنين، إني باعثك إلى أمم مختلفة ألسنتهم، منهم أمتان بينهما طول الأرض إحداهما عند مغرب الشمس يقال لها ناسك والأخرى عند مطلعها يقال لها منسك وأمتان بينهما عرض الأرض إحداهما في القطر الأيمن يقال لها هاويل والأخرى في الأيسر يقال لها تاويل.
وأمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج. فقال: يا رب بأي قوة أكاثرهم وبأي لسان أناطقهم فقال له: إني سأقويك وأبسط لسانك لتفهم لغة كل قوم وتنطق بها وأشد عضدك فلا يهولنك شيء وألبسك الهيبة فلا يروعنك شيء وأسخّر لك النور والظلمة وأجعلهما من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك الظلمة من ورائك. وأن الله سخر له السحاب فحمله عليه وبسط له النور فكان الليل والنهار له سواء، وسهل عليه السير في الأرض وذلل له طرقها حتى بسط سلطانه على أممها وعامل المؤمنين منهم بالحسنى والكافرين بالشدة والعذاب.
ومما رووه في سياق الآية [٨٦] أنه كان لمدينة القوم الذين وجدهم عند مغرب الشمس اثنا عشر ألف باب وكان اسمها مريحا ويسكنها قوم من نسل ثمود ولولا ضجيجهم لسمع وجيب الشمس حين تغرب من شدة قربهم من مغربها. وأن ابن عباس اختلف مع معاوية على قراءة عَيْنٍ حَمِئَةٍ [٨١] حيث كان الأول يقرأها (عين حمئة) بمعنى طينة سوداء والثاني يقرأها (عين حامية) بمعنى عين ماء حار وأنهما اتفقا على تحكيم كعب الأحبار فأرسلا إليه يسألانه كيف يجد الشمس تغرب في التوراة؟ فقال لهم: إنها تغرب في طينة سوداء، فوافق بذلك ابن عباس! ورووا في سياق الآية [٨٨] أنه لم يكن بين القوم الذين وجدهم عند مطلع الشمس وبين الشمس ستر من جبل ولا شجر ولا يستقر على أرضهم بناء فإذا طلعت الشمس نزلوا إلى الماء أو اندسوا في سراديب في الأرض حتى تزول فيخرجون إلى معايشهم وأنهم من نسل مؤمني قوم هود وأن اسم مدينتهم مرقيسا وهم مجاورون يأجوج ومأجوج.