للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحسن أن ننبه في هذه المسألة على نقطة هامة في الأمر متفق عليها من جمهور الفقهاء والمحدثين وهي أن السنّة النبوية الصحيحة القولية والفعلية لا تتناقض مع أحكام القرآن الحاسمة المحكمة ولا تخرج عن نطاق خطوطه ومبادئه وتلقيناته وتوجيهاته العامة. وأنها بسبيل توضيح وتفسير وشرح وتخصيص وإتمام ما يحتاج إلى توضيح وتفسير وشرح وتخصيص وإتمام من آيات القرآن وأحكامه أو تشريع لما سكت عنه القرآن كليا أو جزئيا، وهذا هو المقصود كما هو المتبادر من جملة لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء: ٤] والله أعلم.

ولقد روى أبو داود والترمذي عن المقدام بن معد يكرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلّوه وما وجدتم فيه من حرام فحرّموه. ألا لا يحلّ لكم الحمار الأهلي ولا كلّ ذي ناب من السبع ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه» «١» مما فيه توضيح وتدعيم لما نحن في صدده.

ولقد روى الإمام أحمد عن أبي حميد وأبي أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا سمعتم الحديث عنّي تعرفه قلوبكم وتلين له أشعاركم وأبشاركم وترون أنه منكم قريب فأنا أولاكم به وإذا سمعتم الحديث عني تنكره قلوبكم وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم وترون أنه بعيد فأنا أبعدكم عنه» «٢» مما قد يكون فيه ضابط آخر لصحة أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.


(١) التاج ج ٣ ص ٨٦ و ٨٧. هناك أحاديث كثيرة جدا فيها أحكام وتشريعات نبوية من باب هذا الحديث وبسبيل ما ذكر قبله.
(٢) أورد هذا الحديث ابن كثير في سياق تفسير الآية [٨٨] من سورة هود وقال المفسر إن إسناده صحيح ورد في مجمع الزوائد ج ١ ص ١٤٩ و ١٥٠ برواية الإمام أحمد والبزار ووصف بأن رجاله رجال الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>