قال على النبات، قلت على أي شيء ملك الموت، قال على قبض الأنفس، وما ظننت أنه هبط إلا لقيام الساعة، وما ذاك الذي رأيت مني إلا خوفا من قيامها..
وهذا مثال أسلوبي منه قال: إن جملة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:
٢١] ، تحتوي مسائل (المسألة الأولى) طرز الخطاب وفيها فوائد: (الفائدة الأولى) تحريك السمع (الثانية) توجيه الخطاب (الثالثة) الانتقال من الغيبة إلى الحضور (الرابعة) الأمر بالتكليف. (المسألة الثانية) احتوت شرح كلمة الناس ومداها واشتقاقاتها. (المسألة الثالثة) في النداء فذكر وجوه النداء وموانعه أولا وثانيا وثالثا. (المسألة الرابعة) في حروف النداء. (المسألة الخامسة) في صلة النداء.
(المسألة السادسة) في الأمر الذي احتوته الجملة وفيها أبحاث: (الأول) حرف التعريف ومداه (الثاني) موضع الخطاب (الثالث) شموله وعدم شموله للسامعين (الرابع) مدى الأمر بالعبادة (الخامس) ما إذا كان يتناول الكفار (السادس) إنكار التكليف وأقوال المفكرين فأورد منها خمسة وردّ على كل منها (السابع) استثناءات شمول التكليف. (المسألة السابعة) سبب الدعوة للعبادة ومنها يستطرد إلى الجملة الثانية من الآية الَّذِي خَلَقَكُمْ وهذا الذي ذكرناه رؤوس أقوال فإن المؤلف قد شرح كل مسألة وكل بحث وكل فائدة احتوتها المسألة شرحا وافيا بإيراد الوجوه ووجوه الاعتراض والأقوال والأدلة والردّ عليها إلخ واستغرق الكلام على هذه الجملة وحدها وهي نصف آية خمس صحف كبيرة وهناك جمل كثيرة جدا استغرق الكلام عليها أكثر مما استغرقه الكلام على هذه الجملة، واستفاض الكلام فيها استفاضة أبعد عن الشروح اللغوية والنظمية، وجاء فيها استطرادات ضعيفة الصلة جدا بالجملة ومداها.
ونظن أننا في غنى عن القول إن هذا الأسلوب مشوش على الناظر في القرآن والراغب في تفهم مراميه ومبادئه واستيحاء توجيهاته وأحكامه وتلقيناته الكافلة لسعادة الدارين والتي هي الأصل والجوهر فيه وفي الدعوة التي قامت عليه!