للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسلوب الآيات قوي رصين، يلهم أن النبي عليه السلام كان في موقف المستعلي المنتصر فيما يبديه من حجج ويبدو منه من قوة وإفحام وإلزام للمكابرين المعاندين من العرب والكتابيين معا.

ومع أنه لا خلاف في مكية الآيات فإن بعض المفسرين «١» ذكروا في سياق تفسيرها عزوا إلى أهل التأويل أو تأويلا من عندهم أنها في صدد الحجاج مع يهود المدينة، وذكروا اسم عبد الله بن سلام وغيره من مسلمي اليهود وقالوا «٢» إنهم الذين عنتهم الآية [٤٧] بتعبير وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ كما ذكروا أن الذين عنتهم جملة إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ هم الذين نبذوا الذمة ومنعوا الجزية عامة، وكعب بن الأشرف وزملاءه من اليهود خاصة. وهذا نموذج لكثير من الأقوال التي خلط فيها بين مدى ومدلول ومناسبة الآيات المكيّة والمدنيّة وظروف العهد المكيّ والمدنيّ. وبعض المفسرين قال إن كلمة هؤُلاءِ تعني قريشا «٣» وبعضهم «٤» قال إنها تعني المسلمين بالإضافة إلى ما قاله بعضهم إنها تعني الكتابيين. وبعضهم أرجع ضمير بِهِ إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أرجعه إلى القرآن «٥» . ونرجو أن يكون ما أوردناه في شرح الآيات هو الصواب إن شاء الله.

وتعبير وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ صريح قاطع بأن النبي عليه السلام لم يكن يكتب ويقرأ. أما تعبير وَالْأُمِّيِّينَ [آل عمران:

٢٠] فلا يعني ذلك بهذه الصراحة والقطعية. ولا سيما أن هذه الكلمة استعملت هي وجمعها في القرآن للدلالة على غير الكتابيين أو على العرب الذين ليسوا كتابيين كما ترى في آية آل عمران هذه: فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ


(١) انظر مثلا تفسير الطبري والبغوي والخازن.
(٢) انظر المصدر نفسه.
(٣) انظر الطبري والخازن.
(٤) انظر المصدر نفسه.
(٥) انظر المصدر نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>