سعد في طبقاته «١» أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أرسل سرية لقتل أبي رافع بن أبي الحقيق في خيبر، وقد اختير رئيسا لها عبد الله بن عتيك لأنه كان يرطن باليهودية أي يعرف العبرانية لغة اليهود. حيث يدل ذلك على أن اليهود كانوا ما يزالون يتكلمون في ما بينهم بلغتهم الأصلية أيضا وبالتالي يدل على أنهم إسرائيليون.
وهناك حديث رواه الترمذي بسند صحيح عن زيد بن ثابت قال:«أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أتعلّم له كتاب يهود، قال: إني والله لا آمن يهود على كتاب. قال فما مرّ بي نصف شهر حتى تعلّمته، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت لهم وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم» . حيث يفيد هذا أن المكاتبات كانت تجري بين النبي وبينهم باللغة العبرانية.
وهناك حديث آخر رواه البخاري عن أبي هريرة قال:«كان أهل الكتاب يقرأون التوراة بالعبرانية ويفسّرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذّبوهم وقولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط ... » حيث يفيد هذا بصراحة أن اليهود كانوا يحتفظون بأسفارهم باللغة العبرانية ويقرأونها بها ولا يمكن أن يكون هذا إلّا إذا كانوا عبرانيين أي إسرائيليين.
والمتبادر من وقائع التاريخ القديم أنهم جاءوا من فلسطين في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد على أثر الضربة الشديدة التي أنزلها بهم الرومان سنة ٧٠ ب. م، والتي شتتت من بقي حيا منهم في آفاق الأرض، وقد نزلوا في المدينة وأماكن أخرى في طريق يثرب- الشام مثل وادي القرى، وخيبر، وفدك، ومقنا، والحرباء وتيماء. وقد امتلكوا الأرضين فيها واستثمروها وأنشئوا كثيرا من بساتين النخل والعنب بالإضافة إلى الزراعات الموسمية واشتغلوا بالتجارة والصناعة والرّبا. وقد شادوا الحصون والقلاع ليكون لهم بها منعة في الوسط الجديد الذي حلوا فيه والذي كان مباءة تجوال القبائل العربية. وتعلموا اللغة العربية والعادات