وقد ورد هذا التعبير بلفظ الرُّوحُ الْأَمِينُ في آيات سورة الشعراء هذه: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (١٩٥) وفي آية سورة البقرة التي ستأتي بعد قليل اسم جبريل بوصفه الذي كان ينزل بالقرآن حيث يكون التعبير في سورتي النحل والشعراء كناية عن جبريل، ومع هذا فإن المفسرين قد أوردوا في تأويل جملة: وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ الواردة في الآية والتي قد لا يكون معناها في معنى ما جاء في سورتي النحل والشعراء أقوالا عديدة، منها أن تأييد الله بمعنى تأييده بروحه وقوته ونصره، وأنه بمعنى تأييد الله له بجبريل. ومنها أنه تأييد الله له بالإنجيل. ومنها أن الجملة تعني إفاضة الله التقديس والطهارة على نفس عيسى (عليه السلام) ، وقد يكون أوجه هذه الأقوال القول الأول.
ولقد ورد تعبير (بروح القدس) في الأناجيل الأربعة المتداولة اليوم والتي يعترف بها وحدها النصارى بأساليب ومناسبات متعددة بل وبمعان مختلفة أيضا على ما يفيده السياق الذي وردت فيه. فمن ذلك ما ورد في سياق حبل مريم في إنجيل متى (لما خطبت مريم أمه ليوسف وجدت من قبل أن يجتمعا حبلى من الروح القدس) . وفي إنجيل لوقا على لسان الذي بشر مريم بحبلها:(فأجاب الملاك وقال لها إن الروح القدس يحل عليك) . ومن ذلك في إنجيل متى على لسان عيسى:(من قال كلمة على ابن البشر يغفر له وأما من قال على الروح القدس فلا يغفر له لا في هذا الدهر ولا في الآتي) . وفي إنجيل مرقس على لسان عيسى أيضا:(فإذا ساقوكم وأسلموكم فلا تهتموا من قبل بما تتكلمون به بل بما أعطيتم في تلك الساعة تكلموا لأنكم لستم أنتم المتكلمين ولكن الروح القدس) . و (وأما من جدف على الروح القدس فلا مغفرة له) . وفي إنجيل لوقا (ورجع يسوع من الأردن وهو ممتلىء بالروح القدس) . و (كان رجل في أورشليم اسمه سمعان وهو رجل صديق تقي كان ينتظر تعزية إسرائيل والروح القدس كان عليه. وكان أوحى إليه بالروح القدس أنه لا يرى الموت حتى يعاين مسيح الرب) . وفي إنجيل يوحنا على لسان يوحنا المعمدان الذي هو النبي يحيى في القرآن:(إن الذي ترى الروح ينزل ويستقر عليه هو الذي يعمد بالروح القدس) .