للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانوا منحرفين عن ملته وطريقته وجادة الحق التي كان يسير عليها والانقياد إلى الله وإسلام النفس له وحده. ومن المحتمل أن يكون أريد بهذا في المقام والسياق اللذين وردت فيهما الآية بنو إسرائيل الذين وقفوا من النبي صلّى الله عليه وسلّم موقف البغي والظلم والجحود. والذين كانوا يتبجحون بأنهم على هدى وأنهم أئمة وقدوة للناس حيث أريد تكذيبهم في دعاويهم هذه برغم انتسابهم إلى إبراهيم (عليه السلام) ، وهو احتمال قوي في ما يتبادر لنا والله أعلم.

أما كلمة ذُرِّيَّتِنا الواردة في الآية [١٢٨] فقد قال الطبري وغيره إنها عنت العرب، وروح الآية التي وردت فيها الكلمة تلهم صواب ذلك. ومما يؤيده أيضا اشتراك إسماعيل في الدعوة لأن إسماعيل هو الذي ينتسب إليه العدنانيون ثم القرشيون من العرب على ما ذكرناه قبل.

ولقد أورد الطبري حديثا في سياق الجملة جاء فيه: «إنّ نفرا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قالوا: يا رسول الله أخبرنا عن نفسك. قال: نعم أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى عليهما السلام» . والحديث لم يرد في الصحاح وإن كان القرآن يؤيد فحواه في الجملة التي نحن في صددها وفي آية سورة الصف [٦] على أننا نقول مع ذلك إن النبي صلّى الله عليه وسلّم يعلم من دون ريب أن رسالته من مقتضيات حكمة الله الأزلية قبل إبراهيم ودعوته. وإنه يتبادر لنا من حكاية دعاء إبراهيم وإسماعيل في هذه الآية وفي الحديث إذا صح أن القصد من ذلك بالإضافة إلى واجب الإيمان بما أخبر به القرآن من كلام إبراهيم في صدد ذريته توكيد الصلة بين النبي صلّى الله عليه وسلّم والأرومات التي انحدر منها وبين إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام) . وهناك حديث نبوي صحيح رواه مسلم والترمذي عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:

«إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم» «١» .

ومثل ما تقدم يقال بالنسبة لحكاية دعاء إبراهيم في الآية [١٢٦] بأن يجعل


(١) التاج ج ٣ ص ٢٠٥. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>